الرئيسية

ترقب في إسرائيل لتقرير حول المجاعة وعواقبه على مخطط احتلال غزة



فلسطينيون يتجمّعون للحصول على الطعام وسط قطاع غزة، 18 أغسطس 2025 (إياد بابا/فرانس برس)

تترقب دولة الاحتلال الإسرائيلي، نشر تقرير جديد صادر عن منظمة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، المنتظر صدوره اليوم الجمعة، ومن المتوقّع أن يكون شديد اللهجة، وتعلن من خلاله المنظمة أنّ هناك “جائحة مجاعة” في غزة، ما قد يزيد من الضغط الدولي على إسرائيل التي تمارس تجويعاً متعمداً في إطار حرب الإبادة على القطاع. وتعمل هيئة IPC تحت رعاية الأمم المتحدة، وتُعدّ جهة مسؤولة عن تحديد المعايير لحالات المجاعة، ومن المتوقّع أن تقدم نتائجها إلى مجلس الأمن الدولي.

ويزعم المسؤولون الإسرائيليون، وفق ما أوردته صحيفة معاريف العبرية، اليوم الجمعة، أنّ المعايير الخاصة بتعريف حالة المجاعة قد تم تعديلها أخيراً “على نحو مثير للريبة”، ويدّعون أنّ الأمر عبارة عن خطوة سياسية تهدف إلى خلق ضغط دولي. وحذّر خبراء تابعون للأمم المتحدة، قبل نحو شهر، من أن “السيناريو الأسوأ” يتحقق في قطاع غزة، لكن لم يتم الإعلان رسمياً عن وجود جائحة مجاعة في ذلك الوقت. وجاء في بيان هيئة IPC آنذاك أنّ “الأدلة تتزايد على وجود تجويع واسع النطاق، وسوء تغذية، وأمراض، تؤدي إلى ارتفاع في الوفيات المرتبطة بالجوع بين الفلسطينيين. وتشير المعلومات الحديثة إلى أن الحد الأدنى من شروط المجاعة متحقق في معظم أنحاء القطاع، وفي مدينة غزة يعاني السكان من سوء تغذية حاد”.

وفي إطار تغاضيها عن جرائمها بحق الغزيين وتجويعهم، وتلويحها بتوسيع الحرب واحتلال مدينة غزة، تزعم إسرائيل أن الوضع الإنساني في القطاع صعب، لكنه لا يصل إلى حد المجاعة وأن المسؤولية تقع على عاتق حركة حماس. وبسبب تصاعد الانتقادات الدولية والمشاهد القاسية التي اجتاحت العالم بسبب التجويع الإسرائيلي للسكان، سمحت دولة الاحتلال خلال الأسابيع الاخيرة بزيادة دخول المساعدات. ويخشى المسؤولون في تل أبيب، وفق وسائل إعلام عبرية، من أن إعلاناً رسمياً من هيئة IPC عن وجود مجاعة، سيؤدي إلى موجة جديدة من الإدانات، خاصة من الدول الأوروبية التي تعارض خطط إسرائيل للسيطرة على مدينة غزة. أما الولايات المتحدة، فتواصل تقديم الدعم الكامل لدولة الاحتلال، لكن التقديرات تشير إلى أن الانتقادات الأوروبية قد تعرقل جهود إسرائيل في ترسيخ شرعية دولية لعملياتها العسكرية المقبلة، والتي تشمل احتلال مدينة غزة.

ولفتت صحيفة يديعوت أحرونوت، إلى أنه من المتوقع أن تكون هذه المرة الخامسة فقط في تاريخ المنظمة، التي تعلن فيها عن وجود مجاعة، إذ إن جميع الحالات الأربع السابقة حدثت في أفريقيا، جنوبي الصحراء الكبرى. ومنذ تأسيسها في عام 2004، أعلنت المنظمة عن أربع حالات مجاعة فقط، آخرها في السودان العام الماضي. وهاجم سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الهيئة والمجتمع الدولي، زاعماً أنه “بدلاً من تغيير المعايير لخدمة سردية حماس، من الأفضل أن يركّز المجتمع الدولي على الحقيقة، وهي المختطفين (المحتجزين الإسرائيليين) الذين لا يزالون محتجزين في غزة، وعلى الإرهاب الذي يهدد مواطني إسرائيل”. وأضاف دانون متجاهلاً الإبادة التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين: “من يستغل مصطلح المجاعة لأغراض سياسية يضر أولاً بسكان غزة أنفسهم”.

وبحسب هيئة IPC فإنّ إعلان المجاعة لا يتم إلا إذا تحققت ثلاثة معايير صارمة؛ وهي أن تعاني 20% على الأقل من الأسر من نقص حاد في الغذاء، وأن يعاني 30% على الأقل من الأطفال من سوء تغذية حاد، وأن يموت شخصان على الأقل من بين كل عشرة آلاف يومياً بسبب الجوع الحقيقي. ووفقاً للهيئة، فإنّ هذه الشروط متحققة في قطاع غزة. وتحذر الهيئة، من أن “المجاعة” مرشّحة للتوسّع حتى نهاية شهر سبتمبر/أيلول القريب، لتشمل، إلى جانب مدينة غزة وعدد من مخيمات اللاجئين الأخرى في القطاع، أيضاً دير البلح (وسط) وخانيونس (جنوب). وفي الوقت نفسه، يُصنّف أكثر من مليون نسمة اليوم ضمن مستوى “الطوارئ”، وهو ثاني أعلى درجة من الخطورة. وجاء في خلاصة تقرير للهيئة أشارت إليه الصحيفة العبرية، إلى أنه “بعد 22 شهراً من القتال المتواصل، يعيش أكثر من نصف مليون شخص في قطاع غزة ظروفاً كارثية من الجوع، والفقر المدقع والموت”.

وفي نهاية الشهر الماضي، دعت الأمم المتحدة إلى “تحرك فوري” لإنهاء القتال في غزة وضخ مساعدات منقذة للحياة، إلا أن التقرير السابق لم يعرّف غزة رسمياً على أنها تعاني من المجاعة، بزعم أن مثل هذا التصنيف لا يمكن إقراره إلا بعد إجراء تحليل معمّق لم يتم بعد. ويُعتبر الإعلان الحالي المتوقع، إعلاناً تاريخياً، إذ ستكون المرة الأولى التي يتم فيها الإعلان رسمياً عن وجود مجاعة في منطقة الشرق الأوسط.

وبينما زعمت دولة الاحتلال الإسرائيلي في الأشهر الأخيرة، أن الوضع في قطاع غزة سيئ، لكنه لا يصل إلى حدّ المجاعة، وجّه المجتمع الدولي اتهامات إلى إسرائيل بأنها السبب في الوصول إلى هذا الوضع الكارثي في غزة، بعد أن أوقفت تدفق المساعدات الإنسانية إلى القطاع لمدة تقارب ثلاثة أشهر، وحتى بعد ذلك، سمحت بتوزيع المساعدات بشكل موسّع فقط عبر ما تُسمّى “منظمة غزة الإنسانية”، التي لم تتمكن فعلياً من توفير الغذاء لمعظم سكان غزة، كما ارتكبت القوات الإسرائيلية مجازر عدة بحق طالبي المساعدات في نقاط توزيعها.