في مخيّم غرب أربيل، 17 سبتمبر 2024 (صافين حميد/ فرانس برس)
رغم أن 11 عاماً مرّت على موجات النزوح الداخلي في العراق إثر اجتياح تنظيم “داعش” مدناً واسعة صيف عام 2014، لا تزال عشرات الآلاف من العائلات تسكن في مخيّمات أو مساكن مؤقتة، وتكابد ظروفاً معيشية صعبة جداً، وسط غياب خطط حكومية واضحة لإعادتهم إلى مناطقهم الأصلية التي تعتبر غالبيتها غير صالحة للسكن، أو تسيطر عليها فصائل مسلّحة.
وتقدّر منظمات إنسانية دولية بأنّ العراق من بين أكثر البلدان تضرّراً بأزمة النزوح الداخلي في المنطقة، في حين لم تستطع الحكومات المتعاقبة منذ عام 2014 إنهاء الملف وتوفير المساعدات الإنسانية الكافية للعائلات النازحة التي تواجه حياة مأساوية مع انعدام الخدمات البسيطة داخل المخيّمات.
فعلياً لا تُظهر التصريحات الحكومية في شأن الملف اهتماماً يوازي حجم المعاناة. واليوم الاثنين، أعلنت وزارة الهجرة والمهجرين أن عدد العائلات النازحة في المخيّمات يبلغ 21 ألفاً. وقال المتحدث الرسمي باسم الوزارة علي عباس جهاكير: “تراجع عدد العائلات من 39 ألفاً إلى نحو 21 ألفاً في مخيّمات إقليم كردستان، ما يشير إلى تزايد حركة العودة الطوعية خلال الفترة الماضية”، أضاف: “تنسّق المؤسسات المحلية والحكومية جهودها حالياً لضمان توصيل الخدمات إلى المستحقين من أجل تحقيق الاستقرار في المناطق المحرّرة. ونفذت وزارة الهجرة والمهجّرين حملات للتوعية في شأن العودة الطوعية، وأوجدت حلولاً للتحديات التي تواجه العودة إلى المناطق المحرّرة، وطبقت إجراءات إدارية وفنية لتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية والاجتماعية للنازحين والعائدين”.
لكن الرقم الذي أعلنته وزارة الهجرة والمهجرين يواجه شكوكاً في ظلّ ضعف إجراءات العودة وعدم شموله النازحين في مخيّمات خارج الإقليم وأولئك الذين وجدوا بدائل للسكن خارج المخيّمات. واعتبر الناشط في مجال حقوق الإنسان، ماجد الوندي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، أن “التصريحات الحكومية تتجاهل الحلول، إذ لم نلمس أي خطط مستقبلية لعودة النازحين وإغلاق ملفهم وإنهاء معاناتهم، والأرقام المعلنة لا تتطابق مع الواقع، خاصة في ظل عدم توفير بدائل وحلول تشجع النازحين على العودة”. تابع “لا تتحدث وزارة الهجرة والمهجرين عن إحصاءات حقيقية للعائدين إلى مناطقهم الأصلية، بل عن أرقام النازحين الباقين في المخيّمات الذين انقطعت بهم سبل العيش، ولا بديل أمامهم إلّا المخيّمات”.
وطالب بأن تجري الحكومة إحصاءات حقيقية للنازحين الذين عادوا إلى مناطقهم الأصلية لكشف حقيقة إدارة هذا الملف الإنساني، وهل أن الأرقام التي تتحدث عنها مطابقة لأرقام العائدين إلى المناطق الأصيلة؟”. وقال الحاج، عبد المنعم حميد، النازح في مخيّم بزيبز الذي يقع في منطقة صحراوية جنوب شرقي محافظة الأنبار لـ”العربي الجديد”: “ننتظر العودة منذ 11 عاماً. تسيطر فصائل مسلحة على مناطقنا، في حين تتجاهل الحكومة معاناتنا لإخراجنا من المخيّمات من دون أن تجد لنا بدائل للسكن. نواجه مصيراً مجهولاً بعدما تهدمت منازلنا وسيطرت الفصائل على مناطقنا، وفقدنا كل ما نملك، ولا حل لدينا سوى البقاء في هذه المخيّمات التي لا تصلح للعيش”.
وكانت الحكومة العراقية حدّدت 30 يوليو/ تموز 2024 موعداً لإنهاء ملف مخيّمات النازحين من خلال إغلاقها وإعادتهم طوعها، وباشرت وزارة الهجرة والمهجّرين إغلاق عدد من المخيّمات نهائياً ثم أرجأت الحكومة التنفيذ قبل أيام من الموعد بحجة أنها تعمل لتهيئة الظروف المناسبة على صعيدَي الخدمات والأمن لعودة المهجّرين إلى مناطقهم الأصلية. وتبرّر جهات سياسية وأخرى مسلحة تابعة للحشد الشعبي استمرار منع عودة النازحين بأسباب أمنية، في حين يعتبر نازحون أن منع عودتهم إلى مناطقهم سببه طائفي، والمليشيات النافذة التي تورّطت أساساً بجرائم وانتهاكات إنسانية مختلفة على مدى سنوات.