
خلال لقاء بوتين وترامب في ألاسكا، 15 أغسطس 2025 (Getty)
تراجعت فرص عقد قمة بين روسيا وأوكرانيا الجمعة مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب
أنه سيتخذ قراراً “مهماً” خلال أسبوعين قد يشمل فرض عقوبات على روسيا في ظل تعثر جهود الوساطة الأميركية. وبعدما كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن مطلع الأسبوع أن بوتين وزيلينسكي اللذين التقى كلاً منهما على حدة في الآونة الأخيرة، موافقان على مقترح عقد قمة بينهما، عاد وشبّههما الجمعة بـ”الزيت والماء”، مؤكداً أن جمعهما في لقاء مشترك بالغ الصعوبة.
ومع تراجع فرص عقد اللقاء، تتابع روسيا وأوكرانيا الهجمات المتبادلة، وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم السبت، أن قواتها سيطرت على قريتي سريدني وكليبان- بيك في منطقة دونيتسك بشرق أوكرانيا. وكانت الدفاع الروسية قد أعلنت، أمس الجمعة، السيطرة على ثلاث قرى في المنطقة نفسها، فيما أعلن الجيش الأوكراني، الجمعة، قصف محطة أونيتشا لضخ النفط في منطقة بريانسك الروسية، ما أدى إلى اندلاع النيران فيها.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن “لا خطة لعقد لقاء” بين الرئيسين، فيما زار الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (ناتو) مارك روته، كييف لمناقشة ملفات أبرزها الضمانات الأمنية المحتملة لأوكرانيا. وصرّح ترامب للصحافيين في واشنطن بأن الزعيمين “لا يتفقان كثيراً لأسباب جلية”. وأضاف أنه سيتخذ قراراً “مهماً” خلال أسبوعين بشأن جهود السلام في أوكرانيا، مشيراً إلى أن موسكو قد تواجه فرض عقوبات ضخمة، أو أنه قد يكتفي بعدم فعل شيء.
وقال الرئيس الأميركي في المكتب البيضوي، وهو يرتدي قبعة بيسبول حمراء كتب عليها “ترامب كان محقاً في كل شيء”، إن “رقص التانغو يحتاج لشخصين”. وتابع: “في غضون أسبوعين سنعرف في أي اتجاه سأذهب”، موضحاً أنه “سيكون قراراً مهماً للغاية، وسيكون إما عقوبات ضخمة وإما رسوماً جمركية أو كليهما، أو لن نفعل شيئاً، ونقول: إنها معركتكم”. وكشف ترامب أنه قد يدعو الزعيم الروسي إلى حضور نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026 التي ستُقام في الولايات المتحدة في حال إحراز تقدم بشأن أوكرانيا.
كذلك أضعف لافروف الآمال في إجراء محادثات مباشرة بين بوتين وزيلينسكي لحل النزاع الذي دخل عامه الرابع، من خلال التشكيك في شرعية الرئيس الأوكراني وتكرار مطالب الكرملين المتشددة. وقال وزير الخارجية الروسي في مقابلة بثتها شبكة إن بي سي الأميركية إن بوتين “مستعد للقاء زيلينسكي” بمجرد إعداد جدول الأعمال لقمة تجمعهما، مضيفاً أن الأخير “غير جاهز على الإطلاق”.
في كييف، قال زيلينسكي متحدثاً إلى جانب روته إن أوكرانيا “ليس لديها اتفاقيات مع الروس”، مشيراً إلى أن بلاده اتفقت فقط مع ترامب بشأن كيفية المضي قدماً في المساعي الدبلوماسية. وكان الرئيس الأوكراني قد اتهم روسيا الخميس “بمحاولة التنصل من عقد اجتماع”، مضيفاً أن موسكو تريد مواصلة الهجوم.
وتصدّرت مسألة الضمانات الأمنية المحتملة لأوكرانيا الجهود الدبلوماسية التي تقودها الولايات المتحدة للتوسط في التوصل إلى اتفاق سلام ينهي الحرب. وقال ترامب في وقت سابق إن روسيا وافقت على بعض الضمانات الأمنية الغربية لكييف. لكن موسكو أبدت في وقت لاحق شكوكها بشأن أي ترتيب من هذا القبيل، وقال لافروف الأربعاء إن مناقشة هذه الترتيبات من دون روسيا “أمر خيالي، وطريق إلى المجهول”، بينما قال زيلينسكي الذي يريد وجود قوات أجنبية في أوكرانيا لردع الهجمات الروسية في المستقبل: “عندما تثير روسيا قضية الضمانات الأمنية، فأنا بصراحة لا أعرف بعد من يهددها”.
وأكد الكرملين منذ أمد أنه لن يقبل ذلك أبداً، مشيراً إلى طموحات أوكرانيا في الانضمام إلى الناتو، وأنه إحدى ذرائع الهجوم عليها. وقال لافروف لشبكة إن بي سي: “هناك العديد من المبادئ التي تعتقد واشنطن أنه يجب قبولها، بما في ذلك عدم الانضمام إلى الناتو، ومناقشة قضايا الأراضي، وقال زيلينسكي لا لكل شيء”.
خلال زيارته لكييف، حيث دوّت صفارات الإنذار الجوي في أنحاء العاصمة، قال روته إن هناك حاجة إلى ضمانات أمنية لضمان “التزام روسيا أي اتفاق وعدم محاولتها بعد الآن الاستيلاء على كيلومتر مربع واحد من أراضي أوكرانيا”. ووقعت موسكو مذكرة بودابست في عام 1994، وهي تهدف إلى ضمان أمن أوكرانيا وبيلاروسيا وكازاخستان مقابل تخلي الدول الثلاث عن العديد من الأسلحة النووية العائدة إلى الحقبة السوفييتية. لكن روسيا انتهكت هذه المذكرة، أولاً عندما ضمت شبه جزيرة القرم في عام 2014، ثم عندما بدأت هجوماً واسع النطاق على أوكرانيا في عام 2022، الذي أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من الناس وإجبار الملايين على الفرار من ديارهم.
(فرانس برس، رويترز، العربي الجديد)
