دمار بعد هجوم إسرائيلي على النبطية، جنوب لبنان، 6 أغسطس 2025 (محمد زناتي/الأناضول)
تتواصل الاعتداءات الإسرائيلية على البلدات الجنوبية في لبنان على الرغم من الخطوات التي قامت بها السلطات اللبنانية في إطار تنفيذ أهداف الورقة الأميركية، ومضيها بـ”خطوات جدية” على مستوى حصر السلاح بيد الدولة، كما بدأ يتكثف النقاش أكثر حول إجراءات الدولة في مشاورات مباشرة على خطّي حزب الله ورئاسة الجمهورية، بالتوازي مع بدء الجيش تحضير خطته.
وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية، اليوم الجمعة، عن سقوط شهيد من جرّاء غارة إسرائيلية بمسيّرة على بلدة عيتا الشعب في قضاء بنت جبيل جنوبي البلاد، في وقت سُجّل أيضاً استهداف لمنزل جاهز في بلدة مارون الراس، ولا يزال لبنان ينتظر الردّ الإسرائيلي على الورقة الأميركية ويكثف اتصالاته الدولية، لا سيّما على خطّي فرنسا وأميركا من أجل الضغط على إسرائيل لوقف اعتداءاتها على الأراضي اللبنانية وانسحابها من النقاط التي تحتلها جنوباً، ربطاً بالمقرّرات التي اتّخذها مجلس الوزراء اللبناني في إطار تطبيق حصرية السلاح بيد الدولة.
في السياق، أعلن حزب الله، الجمعة، عن لقاء جمع بين رئيس كتلته البرلمانية النائب محمد رعد ومستشار الرئيس اللبناني جوزاف عون، العميد أندريه رحال، في مكتب الكتلة بالضاحية الجنوبية لبيروت، وجرى خلاله “التطرق للأوضاع السياسية الراهنة ولمجريات الأمور ومواقف الأطراف المعنية إزاءها”، علماً أنّ رحال اجتمع كذلك مع رئيس البرلمان نبيه بري أمس الخميس.
وبحسب معلومات “العربي الجديد”، فإنّ “اللقاء يأتي على وقع بعض التوترات التي شابت العلاقة بين عون وبري، وكذلك على خطّ حزب الله، عقب المقرّرات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية، والتي اعتبرها حزب الله وحركة أمل بمثابة انقلاب على خطاب قسم رئيس الجمهورية والبيان الوزاري، داعين إلى التراجع عنها، إذ هناك حرص على أن تبقى قنوات التوصل مفتوحة”. وتبعاً للمعلومات: “جرى خلال اللقاء الاستماع إلى وجهة نظر حزب الله حيال التطورات الأخيرة، مع تمسّك من جانبه بأولوية الانسحاب الإسرائيلي من لبنان ووقف الاعتداءات على الأراضي اللبنانية، وتأكيد أنه لا يريد الدخول في أي صدام أو مواجهة مع أحد، وخاصة الجيش اللبناني”.
الجيش اللبناني يحضّر خطته لحصر السلاح
ومع اقتراب موعد جلسة مجلس الوزراء في 2 سبتمبر/أيلول المقبل، التي من المنتظر أن يعرض فيها الجيش اللبناني خطته لحصر السلاح، قال مصدر عسكري لـ”العربي الجديد” إنّ “الجيش يعمل على إعداد خطة، طبعاً لن تكون صدامية، فالجيش حريص على الأمن والاستقرار”، وأشار المصدر إلى أنه “هناك لجنة موسّعة تعد هذه الخطة، ومراحل التنفيذ تبعاً لكل منطقة ومحافظة، والأسلحة التي ستجري مصادرتها بالتراتبية، وحسب نوعها، فالموضوع حسّاس ويستوجب دراسة معمّقة، وستتناول الخطة أيضاً كيفية انتشار الجيش، وتحديد للمناطق الحساسة، والدقيقة أمنياً، والتعاون المطلوب مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة في الجنوب (يونيفيل)، والحاجات اللازمة له للقيام بمهامه وتوسعة انتشاره، سواء لوجستياً أو بشرياً”، لافتاً إلى أن “الخطة لا تقتصر على السلاح المرتبط بحزب الله، بل كل سلاح خارج إطار الدولة”.
واستقبل الرئيس جوزاف عون، اليوم الجمعة، قائد الجيش العماد رودولف هيكل وعرض معه الأوضاع الأمنية في ضوء التطورات الأخيرة، إضافة إلى أوضاع المؤسّسة العسكرية .
عون: الجيش على جهوزية تامة
إلى ذلك، قال النائب السابق إميل رحمة بعد لقائه، اليوم، الرئيس اللبناني إنّ “الاجتماع تخلله عرض للأوضاع في البلاد، وأفضيت له بمخاوفي من الحال القائمة في منطقة بعلبك – الهرمل، وفي شمال لبنان، فطمأنني بأن الوضع على الحدود اللبنانية – السورية مضبوط، وأن الجيش اللبناني على جهوزية تامة، ويقوم بالمهام الموكولة إليه بكفاية وحرص على إشاعة الهدوء والطمأنينة في نفوس الناس”. وأضاف: “كذلك وضعني الرئيس عون في أجواء مشجعة بما يتصل بموضوعات الساعة لإخراج لبنان من الأزمات التي تعصف به. وقد أعربت عن ارتياحي للمساعي التي يضطلع بها رئيس الجمهورية ويرعاها، وتأييدي للخطوات التي يتخذها”.
مسؤول في حزب الله: لا حوار قبل انسحاب إسرائيل
وضمن المواقف الصادرة الجمعة، قال رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله علي دعموش إن “القرار الخطيئة الذي اتخذته الحكومة بنزع سلاح المقاومة لا يفتقد إلى النصاب الميثاقي فحسب، وإنما أيضاً إلى النصاب الوطني وإلى أدنى مستوى من العقلانية”، وأضاف دعموش: “نحن أمام سلطة تنفّذ مصالح الخارج وإرادته وإملاءاته، وليس أمام سلطة تضع مصالح شعبها ومجتمعها في مقدمة أولوياتها”، مشدداً على أن “قرار الحكومة خطير ولا نعرف تداعياته، وقد يضع البلد على حافة الانفجار، وعلى الحكومة أن تتراجع عنه”، معتبراً أنّ “الحكومة حولت بقرارها المشكلة مع العدو الإسرائيلي إلى مشكلة داخلية بين اللبنانيين، وفتحت بذلك الطريق لمسار داخلي محفوف بالمخاطر والتعقيدات والمشكلات”.
وأكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله: “لن ندخل في أيّ نقاش يتعلق بتنفيذ قرار الحكومة لأنّنا لا نعترف به ولا يعنينا، ولا حوار حول السلاح قبل أن تنسحب إسرائيل وتوقف عدوانها على لبنان، ويجب أن يعرف الجميع أن المقاومة لا تسقط شرعيتها لا بقرار حكومي ولا بورقة أميركية، المقاومة تستمد شرعيتها ومشروعيتها من إرادة شعبها والمصالح الحقيقية لبلدها ومجتمعها، فالمقاومة لا زالت بحسب استطلاعات الرأي خيار عدد كبير من اللبنانيين بالرغم من كل حملات التحريض والتشكيك والتشويه الإعلامي والسياسي”.
وأضاف دعموش: “نحن حتى الآن تصرفنا بهدوء ولم نلجأ إلى خطوات احتجاجية كبيرة، لكن هذا النهج قد لا يستمر طويلاً. لم نلجأ إلى التصعيد حرصاً على الاستقرار ولإعطاء الحكومة فرصة لتصحيح قرارها، لكنّنا قد نفعل ذلك إن أصرت على تمرير قرارها”.