
توجّه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ظهر اليوم الاثنين إلى كل من أرمينيا وبيلاروسيا، في زيارة رسمية هي الأولى له إلى البلدين منذ توليه منصبه قبل عام، مؤكداً أن زيارته إلى أرمينيا تأتي استكمالاً لسلسلة زيارات إلى الدول الجارة، التي تضعها طهران في صلب أولويات سياستها الخارجية.
وقال بزشكيان في تصريحات بمطار طهران قبيل مغادرته إلى يريفان، إن إيران “ترتبط بعلاقات استراتيجية مع الدولة الصديقة والجارة أرمينيا”، مشدداً على أهمية تعزيز “العلاقات في المجالات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية”. وأوضح أن مباحثاته ستتناول مشروع ممر الشمال ـ الجنوب، إضافة إلى بحث إمكانيات تطوير خط التجارة من الشرق إلى الغرب، وجعله مساراً فاعلاً في توسيع التبادلات الإقليمية.
ويُعدّ “ممر الشمال – الجنوب” أحد أضخم مشاريع النقل الدولي، وقد طُرح لأول مرة خلال قمة الاتحاد الأوروبي في العاصمة الفنلندية هلسنكي عام 1992، باعتباره الممر التاسع من بين عشرة ممرات استراتيجية مقترحة. وفي عام 2000، وقّعت كل من إيران والهند وروسيا الوثيقة الأولى لإنشائه في مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، ليشكّل ذلك النواة الرسمية للمشروع. وعام 2016، انضمّت مجموعة من الدول إلى المبادرة إلى جانب الدول الثلاث المؤسسة، وهي: سلطنة عمان، تركيا، كازاخستان، أرمينيا، قرغيزستان، طاجيكستان، بيلاروسيا، أوكرانيا، سورية، وبلغاريا.
ويتكوّن هذا الممر من شبكة متكاملة من الخطوط البحرية والبرية وسكك الحديد، تمتد لمسافة تُقدَّر بنحو 7200 كيلومتر. وينطلق من مدينة بومباي الهندية، رابطاً المحيط الهندي ومنطقة الخليج ببحر قزوين عبر الأراضي الإيرانية، ثم يتجه شمالاً نحو مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، ومنها إلى شمال القارة الأوروبية، وصولاً إلى العاصمة الفنلندية هلسنكي.
وتأتي زيارة بزشكيان إلى يريفان، بعد توقيع اتفاق سلام بين رئيس أذربيجان إلهام علييف ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان في الولايات المتحدة، برعاية الرئيس الأميركي دونالد ترامب في التاسع من الشهر الحالي في البيت الأبيض، تضمن بناء ممر تحت إدارة أميركية، بمحاذاة الحدود الإيرانية ـ الأرمينية، بهدف ربط جمهورية نخجوان بإقليم أذربيجان الرئيسي، الأمر الذي أثار غضب طهران واحتجاجها باعتبار الخطوة محاولة لتغيير الجغرافيا السياسية لجنوب القوقاز.
وحول هذه المخاوف، أوضح بزشكيان أن القلق الإيراني يتمحور حول “إمكانية دخول الشركات الأميركية إلى المنطقة تحت غطاء الاستثمار، في حين أن التجارب السابقة أظهرت أن لأنشطتها أهدافاً أخرى”، مؤكداً أن هذه الهواجس ستكون مطروحة للنقاش خلال الزيارة.
من جهته، شدّد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، في تصريح لوكالة “إرنا” الحكومية، اليوم الاثنين، على أن بلاده “لن تقبل بأي تعديل في الحدود الجيو- سياسية لجنوب القوقاز”، مضيفاً أن زيارة الرئيس إلى أرمينيا ستتناول هذا الملف بشكل أساسي. وأوضح أن المقصود بالتغييرات الجيو-سياسية هو “المساس بالحدود المعترف بها دولياً، أو نقلها، أو الانتقاص من سيادة أي من دول المنطقة ووحدة أراضيها”، محذّراً من أي استغلال لأراضٍ أرمينية قد يقود إلى احتلال أو إضعاف السيادة الوطنية.
وفي جانب آخر، أشار بزشكيان إلى أن زيارته لبيلاروسيا تكتسب أهمية خاصة، لافتاً إلى أن مواقف البلدين “تتقارب في السنوات الأخيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، فضلاً عن التعاون الثقافي والعلمي”. وأشاد بمواقف مينسك في المحافل الدولية، خاصة “الدفاع عن مواقف الجمهورية الإسلامية والإدانة القاطعة للهجمات الإسرائيلية وتبنّي مواقف حازمة إزاء ما يجري في غزة”. وأضاف الرئيس الإيراني أن “انسجام الدول المتقاربة في المواقف يتيح تجاوز القيود المفروضة عليها، ويفتح المجال لتعزيز النمو والتجارة والصناعة والثقافة”.
