الرئيسية

وزير العمل اللبناني: الجواب الإسرائيلي على الورقة الأميركية مؤثر



قال وزير العمل اللبناني محمد حيدر في مقابلة مع “العربي الجديد”، إن سوق العمل يتأثر بالأجواء السياسية والأمنية، لكن التأثيرات تكون أسرع عندما يكون الجوّ سلبياً، وهذا ينطبق على تداعيات الموقف الإسرائيلي المنتظر من الورقة الأميركية حول نزع السلاح…

وهنا نص المقابلة

* ينتظر لبنان الردّ الإسرائيلي على الورقة الأميركية حول نزع سلاح حزب الله، وهناك مخاوف من تصعيد عسكري في حال الرفض. كيف سيكون برأيكم تأثير هذا الردّ في سوق العمل؟

لنكن واقعيين، إن سوق العمل يتأثر بأي ردّة فعل، سواء أكانت سلبية أم إيجابية، علماً أن التأثيرات تكون أسرع طبعاً عندما يكون الجوّ سلبياً. إن كان الجواب سلبياً، سيكون هناك حتماً خضّة كبيرة، لكن ما يحمينا هو التضامن والاتفاق الداخلي. لذلك رسالتي دائماً، أنه يجب ألا نحوّل معركتنا مع العدو إلى معركة داخلية، إذ يمكننا في الداخل مناقشة كل الأمور والاختلاف أيضاً، لكن لا يجب الوصول إلى خلاف، فهذا ما يريده العدو، وبهذه الحالة فإن المشكلة لن تقتصر على سوق العمل، بل على وجود البلد وكيانه.

من ناحية ثانية، نحن لا نعرف بعد جواب العدو، لكن هناك من يقول: نحن نريد أن نكون ضامنين لاتفاق في المرحلة القادمة، ويجب عليهم بالتالي أن يتحمّلوا المسؤولية بإعطائنا ضمانات حتى يكون هناك استقرار من شأنه أن يؤمّن سوق عمل دائم، ولا سيما في قطاع البناء، الذي يجب أن يؤدي إلى نهضة كبيرة في البلد، إلى جانب القطاع الزراعي الذي يجب كذلك أن نعمل عليه، فهو مصدر غنى لبنان، ولا سيما في ظل الحاجة الوطنية والإقليمية في المنطقة والجوار للمنتج الزراعي.

* هل بدأ الحديث جدياً عن مؤتمرات الدعم الدولية، وخصوصاً بعد القرارات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة اللبنانية على صعيد تكليف الجيش اللبناني وضع خطة تطبيقية لحصر السلاح قبل نهاية العام الحالي، وإقرار أهداف الورقة الأميركية؟

صحيح. هناك حديث جدي عن ذلك. هناك مؤتمر فرنسا، وهناك دول يجب أن تبدأ بإرسال مساهماتها التي وعدت بها لبنان، لكن حتى الآن لا نزال بطور الحديث، ولم نرَ أي شيء فعلي.

* كيف كانت زيارتكم الأخيرة للعراق، وما أبرز الملفات المبحوثة؟

زيارتي للعراق كانت ناجحة، وتمحورت حول شقّين: الأول مع وزير العمل العراقي، أحمد الأسدي، والثاني مع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني. بالنسبة إلى اللقاء مع وزير العمل، فقد جرى النقاش في تطبيق الاتفاق الذي عُقد مسبقاً بالتعاون بين الوزارتين، ويتضمن العمل على إعطاء العمال اللبنانيين إجازات للعمل في العراق لمدة لا تقلّ عن سنتين أو ثلاث، ولاقينا تجاوباً كبيراً، وكان اتفاق على المعاملة بالمثل في لبنان بالنسبة إلى العمالة العراقية.

وطلبنا من العراق المساعدة على صعيد تبادل الخبرات بشكل أساسي في قطاع النفط وبعض الصناعات النفطية، وذلك لتدريب كوادرنا اللبنانية وتحضيرهم للمستقبل.

من ناحية ثانية، تمحور النقاش مع رئيس الوزراء العراقي حول أمورٍ عدة، منها هبة القمح التي ستأتي إلى لبنان، وكان السوداني متجاوباً جداً، ووضعها على السكة، حتى إنه في أثناء وجودنا هناك، جرى التواصل مع وزير الاقتصاد اللبناني للبدء بالخطوات المطلوبة لإرسال جزء من الهبة التي هي عبارة عن 300 ألف طن من القمح، إذ سترسل على ستّ دفعات، كل دفعة 50 ألف طن عبر البحر، ولم نتمكن من أخذ كمية أكبر، باعتبار أن لا مخازن كافية، والصوامع مدمّرة.

وحصل أيضاً نقاش حول أنبوب النفط العراقي إلى طرابلس (شمالي لبنان)، وكان هناك أيضاً تجاوب من رئيس الوزراء العراقي لناحية إنشاء لجنة مشتركة بهدف الإسراع بتنفيذ ذلك، علماً أنه يحتاج من سنة إلى سنتين، ما يستدعي كذلك تأهيل مصفاة طرابلس. وشددنا أيضاً على المساهمة في إعادة الإعمار، وكان هناك توصية من رئيس الوزراء العراقي لإرسال لجنة بأسرع وقت إلى لبنان للبدء بتنفيذ هذه الأمور.

* هل هناك زيارات خارجية مرتقبة لكم إلى دول الخليج، ولا سيما بحثاً عن فرص عمل إضافية للبنانيين؟

هناك زيارتان يجري التحضير لهما، إلى قطر والأردن، حيث إن العناوين الأساسية ستكون التعاون بين وزارتي العمل في البلدين، وقد بحثنا مع وزير العمل القطري علي بن صميخ المري في المساهمة بالإنماء ضمن رؤية قطر 2030، بحيث هناك بعض القطاعات بحاجة إلى العمالة اللبنانية، وهذا يمرّ عبر شركة “جسور” القطرية، لذلك سنستقبل مديرها في أوائل شهر سبتمبر/أيلول المقبل، من أجل دراسة التفاصيل.

أما بالنسبة إلى الأردن، فقد اتفقنا مع وزير العمل الأردني، خالد البكار، على زيارة لتبادل الخبرات، وخصوصاً على صعيدي التفتيش وتنظيم العمالة الأجنبية.

* كيف يستفيد لبنان من جاليته المنتشرة في الخارج، علماً أن تقرير البنك الدولي أشار إلى تراجع التحويلات عام 2024؟ وما أسباب هذا التراجع؟

أولاً، دور الجالية اللبنانية بشكل عام من عمّال وأصحاب عمل دعم الاقتصاد اللبناني وأهاليهم، وهم يُعتبرون جزءاً مؤثراً في الصمود خلال الأزمة الاقتصادية الخانقة التي مرّ بها لبنان. ونحن نعلم أن الجالية اللبنانية ترسل ما لا يقل عن 6 إلى 7 مليارات دولار مساعدات للأهل سنوياً، وهذه المساعدات لا تزال تأتي، صحيح أنها تراجعت. علينا هنا ألا ننسى أنه عام 2024 كان هناك أزمة اقتصادية عالمية، والتغير الذي حصل في العالم وأزمات أوكرانيا وغلاء المعيشة أثرت في التحويلات.

كان اللبناني سابقاً يرسل نحو 30% من راتبه، بينما الآن لم يعد بإمكانه ذلك، لأنه يحتاج إلى متابعة حياته في ظل الظروف الصعبة في الخارج.

* هل هناك تشجيع للمغتربين على الاستثمار في لبنان؟

المغترب اللبناني لا يرسل مساعدة لأهله فقط، بل يفكر بإقامة مشاريع أيضاً في لبنان. طبعاً بعد الأزمة الاقتصادية وخلال فترة الحرب لم يشارك كثيراً بذلك، بسبب التردّد في ظل عدم الاستقرار، لكننا نعتمد على اللبناني بشكل أساسي في المشاركة في النهضة الاقتصادية التي تحصل على صعيد بناء معامل ومؤسسات والمساهمة في بعض القطاعات الاقتصادية. ونحن الآن نعتمد عليهم كثيراً في تطوير قطاع التكنولوجيا في البلد.

* كيف واقع البطالة في لبنان اليوم، وهل هناك مشاريع لدى الحكومة لإيجاد حلول لهذه الأزمة والتخفيف قدر الإمكان منها؟

أرقام البطالة تتفاوت حسب المناطق، هناك مناطق تكون النسبة فيها مرتفعة وتصل إلى 20 و25%، وفي مناطق أخرى تراوح بين 11 و15%. هناك حلول طبعاً لمعالجة البطالة، من ضمنها تشجيع اللبنانيين على الاستفادة من فرص العمل الموجودة التي يأخذها الأجنبي عموماً. في المقابل، في وزارة عمل، هناك تشديد أكثر في إعطاء الإجازات للعمّال الأجانب، وبإلزام المؤسسات بأن يكون لديها عمالة لبنانية لتأخذ مقابلها عمالة أجنبية، إذ لا يمكن الاستمرار بأن تبقى العمالة الأجنبية طاغية في المؤسسات، لأسباب عدة.

أولها أن العامل اللبناني بحاجة إلى فرصة عمل، ويجب أن نؤمّنها له، كذلك لا يمكن رهن قطاعاتنا الاقتصادية والإنتاجية والصناعية لعمالة أجنبية، خصوصاً أن العامل الأجنبي يعمل لفترة معينة، وطموحه يبقى بالعودة إلى وطنه، وهذا من شأنه أن يؤثر بواقع العمل في هذه القطاعات، ويبقيها عرضة لهزّات كبيرة، في حين أن ما يعطيها الثقة والاستمرارية والصمود هو العمالة اللبنانية.

وأريد ان أبعث رسالة إلى المواطنين اللبنانيين بأن يساهموا أكثر بالعمل في لبنان، وألا يبقى طموحهم فقط العمل براتب عالٍ يؤمّن لهم حياة يعيشون فيها كأنهم مديرون أو مسؤولون، في حين يرفضون أن يكونوا عمّالاً يدويين، ويفضّلون بدلاً من ذلك أن يعمل بها غيرهم ويكونوا هم مسؤولين عنه. يجب بالتالي أن نساهم كلنا في بناء البلد وقطاعه الاقتصادي والإنتاجي، وأن نبدأ بأن نكون مشاركين بالأعمال الحرفية التي تحتاج إلى جهد جسدي. هناك حاجة للعمالة اللبنانية بهذه الأعمال، وللأسف اللبناني لا يكون موجوداً. لذلك أشجعهم على العمل، الوطن مسؤوليتنا ومسؤولية مواطنيه وعمّاله، ويجب أن نصعد السلم درجة درجة.

* لكن الواقع المعيشي والاقتصادي اختلف جداً في لبنان، والأسعار ارتفعت جداً، وبعض القطاعات شهدت انتعاشاً، ولا سيما السياحية، ومع ذلك لا تزال رواتب الموظفين متدنية، ما موقفكم من ذلك؟

بدأنا نلحظ في القطاعات الإنتاجية الصناعية في لبنان زيادة الأسعار، لكن هذه الزيادة ليست لأن القطاع يريد أن يزيد أسعاره، بل هي مرتبطة بارتفاع الأسعار عالمياً، وبالتضخم المالي العالمي. كذلك، الوضع اختلف في لبنان مقارنة بالعام الماضي وقبله، لأننا كنا لا نزال نتعامل بالليرة و”اللولار”، ولم يكن لدينا بعد حدّ واضح للأسعار الحقيقية، فالدولة كانت لا تزال تساهم بدعم بعض القطاعات، بينما هي اليوم لا تشارك في غالبيتها، وباتت أسعارها مرتبطة بالسوق، وهذا ما يساهم في رفع الأسعار.

* كيف كان تأثير الأزمات بسوق العمل في لبنان، وخصوصاً في فترة العدوان الإسرائيلي، ولا سيما أن هناك مؤسسات عدة دُمّرت وتضررت وأقفلت أبوابها، وأصحاب عمل وعمّال، بالتالي خسروا مصدر رزقهم؟

للأسف، بعد العدوان الإسرائيلي على لبنان، هناك أشخاص خسروا أعمالهم أو مؤسساتهم، والعمّال خسروا بدورهم وظائفهم. هذا الأمر يُحلّ حالياً بالجهود الشخصية، لكن كلنا ننتظر الحكومة أن تبدأ بإعادة الإعمار، ولا سيما للمؤسسات المنتجة التي تؤمّن فرص عمل. نحن نتابع هذا الأمر، ونحاول قدر الإمكان المساهمة بأن يؤمّن سوق العمل وظائف جديدة، لكن للأسف هناك مؤسسات دُمّرت في مناطق لم يعد إليها الإنماء بعد، ولم تُعمَّر بعد، أو تُمنع العودة إليها نتيجة الوضع الراهن.

* بدأنا نرى في العهد الجديد جهوداً تُبذل على صعيد مكافحة الفساد ومحاسبة المسؤولين وفتح ملفات، أبرزها كان على صعيد الاتصالات والاقتصاد والصناعة، هل سنرى المشهدية نفسها في وزارة العمل؟

أنا شخصياً لا أحبّذ استخدام كلمة فساد، بل أقول إن عدم تسهيل أمور المواطن من شأنه أن يؤدي إلى الهدر أو استغلال السلطة. الخطة التي اتبعتها بوزارة العمل في لبنان ككل، هي أننا سهّلنا أمور المواطنين بشكل كبير، كي يتمكنوا من إنجاز أي معاملة يريدونها من دون الحاجة إلى سمسار أو منجِز معاملات أو لدفع المال لشخص لإنجازها. داخلياً، وضعنا مهلاً قصيرة جداً على رؤساء الدوائر والمصالح للعمل وفقها، وذلك لإنهاء معاملات المواطنين بسرعة وتسهيل أمورهم، كما نذهب باتجاه المكننة الشاملة في المعاملات.

فنحن نرفع شعار “لا نريد أن نرى المواطن في الوزارة”، بالتالي يمكن أن ينجز مثلاً معاملاته من المنزل. وهناك خطوات أتحدث بها الآن للمرة الأولى وسنعلنها، بحيث ألغينا الطابع الورقي واعتمدنا الطابع بالوسم الآلي، بالتنسيق مع وزارة المال، وهذه خطوة مهمة، بحيث إنه لم يعد لدينا الآن مشكلة طوابع، والمواطن لم يعد مضطراً إلى شراء طابع بأضعاف سعره لأنه غير متوفر.

كذلك، بدأنا باستخدام بطاقات الائتمان، ما يمكّن المواطن من الدفع عبرها من دون الحاجة إلى إحضار أموال أو تحويل ما لديه من دولار إلى اللبناني، كذلك سنكون أيضاً أمام إتاحة الدفع الإلكتروني عبر الموقع، وأصبحنا في المراحل النهائية في ذلك، وهذه خطوات كلها تسهّل أمور المواطنين وتحدّ من الهدر والاستغلال.