أخبار الاقتصاد

#original_title #original_title


خاص

العام 2025 شهد ازدهارا كبيرا بالنسبة لشركات التصنيع

العام 2025 شهد ازدهارا كبيرا بالنسبة لشركات التصنيع

تتسارع وتيرة التحولات في صناعة الدفاع العالمية، مع تسجيل كبرى الشركات أداءً مالياً فاق التوقعات ورفعها لتقديرات العام، في مشهد يعكس قوة الطلب رغم الضبابية الاقتصادية والضغوط الناتجة عن الرسوم الجمركية واضطرابات سلاسل الإمداد.

تتقدّم شركات عملاقة مثل لوكهيد مارتن وRTX ونورثروب غرومان وGE Aerospace إلى صدارة المشهد، مدفوعة بزخم قوي في الطلبيات العسكرية، في وقت بات فيه الإنفاق الدفاعي أداة استراتيجية لإدارة المخاطر الجيوسياسية أكثر منه بنداً تقليدياً في الموازنات العامة للدول.

ومن ثم تتشكل ملامح دورة دفاعية طويلة الأمد، تعيد رسم خريطة تجارة السلاح عالمياً، حيث تتقاطع الحسابات الأمنية مع الابتكار التكنولوجي، ويصبح الذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية محور التنافس، وسط سباق محموم بين الحكومات والشركات لتأمين الجاهزية العسكرية في عالم يتجه بثبات نحو مزيد من الاستقطاب وعدم اليقين.

بعد نتائج الربع الثالث، رفعت كبرى شركات الدفاع والطيران توقعاتها لأداء العام، مشيرةً إلى قوة الطلب رغم حالة عدم اليقين الاقتصادي والرسوم الجمركية، بحسب تقرير لشبكة “سي إن بي سي” الأميركية.

تفوقت شركات GE Aerospace وNorthrop Grumman وRTX وLockheed Martin على تقديرات وول ستريت لأرباح الربع الثالث، بينما كانت نورثروب غرومان الوحيدة التي أخفقت في تحقيق تقديرات الإيرادات، وفقًا لمسح أجرته LSEG لآراء المحللين.

رفعت GE، التي تعمل كمورد دفاعي وتُعد من كبار مصنّعي المحركات لطائرات بوينغ وإيرباص التجارية، توقعاتها لنمو الإيرادات المعدلة على أساس سنوي، كما رفعت توقعات التدفقات النقدية الحرة من نطاق يتراوح بين 6.5 و6.9 مليارات دولار إلى نطاق يتراوح بين 7.1 و7.3 مليارات دولار.كما رفعت الشركة توجيهاتها لمبيعات العام من نطاق 84.75 – 85.5 مليار دولار إلى نطاق 86.5 – 87 مليار دولار.

أعلنت نورثروب غرومان عن نمو مماثل، إذ سجلت أرباحًا بلغت 7.67 دولار للسهم، متجاوزة تقديرات وول ستريت البالغة 6.46 دولار للسهم، بحسب LSEG ، وارتفعت مبيعات الشركة بنسبة 4 بالمئة على أساس سنوي، بينما قفزت مبيعات قطاع أنظمة الدفاع لديها بنسبة 14 بالمئة.
أما لوكهيد مارتن فقد تفوقت هي الأخرى على توقعات المحللين للربع المنتهي في 30 سبتمبر.

وسجلت الشركة أرباحا قدرها 6.95 دولار للسهم، على إيرادات بلغت 18.61 مليار دولار، متجاوزة تقديرات وول ستريت البالغة 6.36 دولار للسهم و18.56 مليار دولار للإيرادات.

تحول جوهري

من جانبه، يقول خبير أسواق المال، محمد سعيد، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • “العام 2025 شكّل نقطة تحوّل جوهرية في تاريخ صناعة السلاح عالمياً؛ بعدما شهدت شركات الدفاع الكبرى توسعاً غير مسبوق في خطوط الإنتاج وقفزات قياسية في الإيرادات، مدفوعة بتراكم الطلبات الجديدة على مستوى العالم”.
  • هذا الزخم لم يأتِ من فراغ، بل كان نتاجاً مباشراً للتوترات الجيوسياسية المتصاعدة، بدءاً من الحرب في أوكرانيا، مروراً بصراعات الشرق الأوسط، وصولاً إلى المخاوف المتزايدة من احتكاكات محتملة في تايوان، ما خلق حالة من “الهلع الشرائي” لدى الحكومات، التي سارعت لتعزيز ترساناتها العسكرية وتحديث أنظمتها الدفاعية لضمان الجاهزية لأي طارئ، وهو ما أدى إلى كسر الميزانيات الدفاعية لحواجز قياسية وفتح شهية المستثمرين تجاه هذا القطاع الحيوي.
  • شركات عملاقة مثل لوكهيد مارتن وRTX ونورثروب غرومان وجدت نفسها أمام دفاتر طلبيات متضخمة تتجاوز مئات المليارات من الدولارات، لا سيما مع الطلب الأوروبي المتزايد على الطائرات الحربية وأنظمة الدفاع الصاروخي الأميركية لتعويض النقص وتحديث الأساطيل القديمة.
  • في المقابل، تراجعت بعض مبيعات السلاح الروسي بشكل ملحوظ في 2024، ما خلق فراغًا سارعت الشركات الغربية والبدائل المحلية إلى ملئه، وهو ما أعاد رسم خريطة تجارة السلاح عالمياً (بينما استطاعات موسكو عكس ذلك الاتجاه نسبياً في 2025).
  • ويؤكد أن المشهد لم يعد يقتصر على بيع المعدات الثقيلة التقليدية كالدبابات والطائرات، موضحًا أن “اللعبة تغيّرت” وأصبح التركيز الأساسي على التكنولوجيا المتقدمة والأنظمة الذكية، مع سباق محموم لدمج الذكاء الاصطناعي في أنظمة القيادة والسيطرة، وتطوير الطائرات المسيّرة، والروبوتات القتالية، والصواريخ فرط الصوتية.
  • ويضيف أن هذا التحول التقني خلق فرزاً واضحاً داخل السوق، إذ تحقق الشركات التي استثمرت مبكراً في الابتكار -مثل إيروفيرونمنت وكراتوس وراينميتال الألمانية – معدلات نمو أسرع نسبياً ومكاسب سوقية أكبر، مقارنة بالشركات التي لا تزال تعتمد على برامج تقليدية قديمة، والتي قد تواجه تباطؤاً نسبياً في تقييمات أسهمها رغم الزخم العام للقطاع.
    وفي المقابل، يحذّر سعيد من أن الصناعة تواجه تحديات حقيقية، أبرزها أزمات سلاسل الإمداد العالمية، والنقص الحاد في الرقائق الإلكترونية والمواد الخام، إضافة إلى فجوة متزايدة في العمالة الماهرة والمهندسين المتخصصين، ما يفرض ضغوطاً على القدرات الإنتاجية ويؤخر تسليم بعض الطلبيات. كما يلفت إلى أن ارتفاع تكاليف الامتثال للمعايير الأمنية الصارمة، مثل CMMC، يشكل عبئاً إضافياً على الشركات الصغيرة والمتوسطة داخل سلاسل التوريد.
  • وبالنظر إلى توقعات العام 2026، يرى سعيد أن الزخم مرشح للاستمرار بقوة، مع توقعات بوصول الإنفاق الدفاعي العالمي إلى نحو 2.9 تريليون دولار، مدعوماً بميزانية دفاعية أميركية تاريخية تقارب 901 مليار دولار، وتوجه دول الناتو لرفع إنفاقها الدفاعي إلى ما يتجاوز 3.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
  • كما أشار إلى استعداد شركات أوروبية مثل KNDS لطرح مزدوج لأسهمها بهدف زيادة رأس المال، في مؤشر واضح على الثقة بمستقبل القطاع.
  • ويختتم حديثه قائلاً: “العالم يقف أمام دورة اقتصادية دفاعية طويلة الأمد، ستظل خلالها الميزانيات العسكرية في مسار تصاعدي حتى نهاية العقد الحالي على الأقل، مدفوعة بسباق التسلح النووي والتقني.

الرابح الأكبر في 2026 وما بعدها سيكون الشركات القادرة على الموازنة بين تلبية الطلب الضخم على الذخائر التقليدية والاستثمار الجريء في حروب المستقبل السيبرانية والفضائية وغير المأهولة، بما يضمن نموًا مستدامًا لا يتأثر بتقلبات السياسة اللحظية.

نتنياهو: سنضخ 110 مليارات دولار في ميزانية الدفاع للسنوات

فرص وتحديات

وبحسب منصة defenseone، فإن العام 2025 شهد ازدهارا كبيرا ولكنه لم يخلُ من التحديات بالنسبة للعديد من شركات الدفاع. فقد تغيّرت السياسات، ثم عادت إلى مسارها السابق في بعض الأحيان، بوتيرة متسارعة، بدءًا من فرض الرسوم الجمركية، مرورًا بتخفيضات عدد الموظفين الفيدراليين التي أبطأت وتيرة التعاقدات في الولايات المتحدة، وصولًا إلى عمليات الإغلاق ، والآن، مع تزايد الطلب على بناء السفن ، فضلًا عن تراكم الطلبات المتراكمة أصلًا.

لكن بشكل عام، كان الوضع مربحاً لشركات الدفاع التي تتوقع عوائد أعلى. فقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز لقطاع الطيران والدفاع، الذي يتتبع أسهماً مختارة ، بنسبة 50 بالمئة خلال العام حتى 22 ديسمبر، وهو ما يُعدّ خبراً جيداً للمستثمرين.

كما صدرت تصريحات حادة من مسؤولي الدفاع، الذين انتقدوا بشدة شركات المقاولات الدفاعية التقليدية بسبب بطء سلاسل التوريد، وارتفاع التكاليف، وتأخيرات الإنتاج التي تمتد لسنوات. في المقابل، تم تسليط الضوء على الشركات الدفاعية الجديدة باعتبارها نموذجاً يحتذى به للشركات الكبرى.

طلب قوي

من برلين، يقول خبير العلاقات الدولية الاقتصادية محمد الخفاجي، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • “صناعة الأسلحة العالمية تشهد في العام 2025 ذروة طلب قوية، مدفوعة بتصاعد التوترات الجيوسياسية واتساع رقعة النزاعات المسلحة، إلى جانب الارتفاع القياسي في ميزانيات الدفاع لدى عدد من الدول”.
  • تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) يُظهر تحقيق أكبر الشركات الدفاعية العالمية إيرادات قياسية قاربت 679 مليار دولار في 2024، مع تنامٍ واضح في الطلب على الأنظمة العسكرية المتطورة من الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والشرق الأوسط، معتبراً أن هذا الاتجاه يعكس مرحلة توسّع تاريخية للقطاع.. وهو الاتجاه الذي تواصل في 2025.
  • من أبرز المؤشرات الدالة على هذا الزخم، تسجيل ميزانيات دفاعية قياسية وصفقات تسليح ضخمة.
  • أوروبا بدورها تشهد تسارعاً في الإنفاق العسكري عقب الحرب في أوكرانيا، ما دفع مجموعات دفاعية كبرى مثل KNDS إلى التخطيط لطرح عام مزدوج في عام 2026، مستندة إلى سجل طلبات قوي يعكس ثقة الأسواق باستدامة الطلب.
  • آسيا ليست بمعزل عن هذا المشهد، إذ تعزز الزيادات الطموحة في الإنفاق الدفاعي الياباني توقعات نمو مبيعات شركات كبرى مثل Kawasaki Heavy Industries خلال السنوات المقبلة.
  • ويشدد على أن انعكاسات هذا الزخم تظهر بوضوح على أداء شركات الدفاع، حيث تستفيد الشركات الكبرى من ارتفاع الإيرادات وعقد صفقات استراتيجية وتنفيذ خطط توسعية، مشيراً إلى إعلان Rheinmetall التخارج من بعض الأنشطة المدنية للتركيز على الاستثمار العسكري، مع توقعات بنمو المبيعات بمعدل قوي وتحسّن هامش التشغيل.
  • يشهد القطاع أيضاً حركة رأسمالية واسعة، إذ تُسجل الشركات تدفقات نقدية قوية يُتوقع أن تصل إلى نحو 50 مليار دولار في 2026 لدى أكبر 15 شركة دفاعية، ما يعزز قدرتها على إعادة شراء الأسهم وزيادة توزيعات الأرباح (بحسب دراسة أجرتها فيرتيكال ريسيرش بارتنرز).
    في المقابل، يحذّر الخفاجي من تحديات تواجه الصناعة، أبرزها اختناقات سلاسل الإمداد وبطء الابتكار في بعض الدول الغربية، حيث تنتقد تقارير متخصصة تأخر شركات الدفاع في تلبية متطلبات الحروب الحديثة، مع مطالب متزايدة بتسريع وتيرة الإنتاج وتعزيز المرونة الصناعية (..) ويؤكد أن التحولات التقنية تمثل في الوقت نفسه محركات نمو جديدة
  • ويوضح أن التوقعات تشير إلى استمرار الزخم في العام 2026، موضحاً أن الطلب العالمي على الأسلحة مرشح للبقاء عند مستويات مرتفعة، مدعوماً باستمرار النزاعات وسباق التسلح الإقليمي وبرامج تحديث الترسانات العسكرية، إضافة إلى خطط الإدراج المعلنة في الأسواق المالية والتدفقات النقدية المتزايدة، ما يعزز آفاق نمو مستدام لقطاع الدفاع على المدى المتوسط.

رقم قياسي

بلغت مبيعات أكبر 100 شركة مصنعة للأسلحة في العالم رقماً قياسياً بلغ 679 مليار دولار العام الماضي، بزيادة قدرها 5.9 بالمئة، مدفوعةً بالحروب في أوكرانيا وغزة التي حفزت الطلب، على الرغم من أن اختناقات الإنتاج أدت إلى تباطؤ عمليات التسليم. وقد ارتفعت عائدات الأسلحة بنسبة 26 بالمئة خلال الفترة من 2015 إلى 2024، بحسب تقرير صادر عن معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI).

وخلال الفترة من 2015 إلى 2024، ارتفعت إيرادات أكبر 100 شركة مصنعة للأسلحة بنسبة 26 بالمئة وفق التقرير.

توسيع الخطط

من لندن، يوضح الخبير الاقتصادي، أنور القاسم، لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”:

  • الزيادة الكبيرة في الإيرادات وحجم الطلبيات الجديدة دفعت العديد من شركات تصنيع الأسلحة حول العالم إلى توسيع خطوط الإنتاج، وتطوير المرافق، إضافة إلى إنشاء فروع جديدة أو تنفيذ عمليات استحواذ استراتيجية.
  • الحرب في أوكرانيا وكذلك الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، إلى جانب التوتر العسكري الأميركي مع فنزويلا، وسباق التسلح المتصاعد بين روسيا والاتحاد الأوروبي، فضلاً عن تعزيز تركيا لترسانتها العسكرية، وتسارع تطور إنتاج شركات الأسلحة في الصين والهند وباكستان، يشير إلى أن العام 2026 قد يكون عام التسلح العالمي الأعلى في التاريخ.
  • إذا ما أخذنا في الاعتبار قفزات مبيعات الأسلحة العالمية خلال العام الماضي، مدفوعة بالحروب القائمة والتوترات الجيوسياسية الإقليمية والدولية، وارتفاع الإنفاق العسكري، فإننا نشهد تحوّلاً هيكلياً في هذه الصناعة.
  • الاتجاه المتزايد لاعتماد شركات الأسلحة على تقنيات الذكاء الاصطناعي، إلى جانب التوسع في إنتاج الأسلحة منخفضة التكلفة وعالية الكفاءة، يعكس دخول العالم مرحلة جديدة من الصناعات العسكرية، تختلف في أدواتها وسرعة تطورها عن المراحل السابقة.