الرئيسية

إحباط محاولة استهداف مقر بعثة الأمم المتحدة في ليبيا بصاروخ



قوات الأمن الليبية في أحد شوارع طرابلس، 17 فبراير 2024 (محمود تركية/ فرانس برس)

أعلنت وزارة الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية الليبية، فجر اليوم الجمعة، إحباط محاولة فاشلة لاستهداف مقر بعثة الأمم المتحدة في مدينة جنزور غربي طرابلس بصاروخ من نوع (SPG). وأوضحت الوزارة في بيان أنّ الصاروخ أُطلق وأصاب أحد المنازل في المنطقة، من دون أن يسفر عن أي أضرار. ويأتي ذلك بعد ساعات من تقديم المبعوثة الأممية في ليبيا، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن، تفاصيل خريطة الطريق الأممية المقترحة لحل الأزمة الليبية.

وفي بيان لها، أوضحت وزارة الداخلية أنّ الأجهزة الأمنية ضبطت كذلك مركبة من نوع “تويوتا كامري موديل 2003″، وُجد بداخلها صاروخان إضافيان إلى جانب القاعدة المستخدمة في إطلاق الصاروخ الذي كان موجهاً لاستهداف مقر بعثة الأمم المتحدة. وأكدت أن التحقيقات جارية لتحديد هوية المتورطين في العملية تمهيداً للقبض عليهم وتقديمهم للعدالة. وشددت وزارة الداخلية على التزامها بحماية مقار البعثات الأممية والدبلوماسية، مشددة على أنها “لن تتهاون مع الخارجين عن القانون”، وأنها تواصل العمل مع مختلف الأجهزة الأمنية لضمان الأمن والاستقرار في البلاد.

من جانبها قالت بعثة الأمم المتحدة إنها تلقت تقارير تفيد بسقوط صاروخ في محيط مجمعها بالعاصمة طرابلس، تزامناً مع إحاطة الممثلة الخاصة للأمين العام، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن الدولي. وأكدت البعثة، في بيان لها، أنّ مقرها لم يتأثر بالحادث، وأشادت بيقظة الأجهزة الأمنية الليبية واستجابتها السريعة لفتح تحقيق شامل وضمان استمرار أمن مقار الأمم المتحدة. وجددت التزامها بمواصلة دعم جهود ليبيا نحو تحقيق السلام والاستقرار وتعزيز سيادة القانون، على الرغم من التحديات الأمنية التي تواجهها البلاد.

مبعوثة الأمم المتحدة تعرض تفاصيل خريطة الطريق أمام مجلس الأمن

ويأتي إعلان وزارة الداخلية بعد ساعات من تقديم الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، إحاطتها أمام مجلس الأمن، مساء الخميس، حيث عرضت تفاصيل خريطة الطريق الأممية المقترحة، موضحة أنها تقوم على ثلاث ركائز أساسية: “تنفيذ إطار انتخابي سليم فنياً وقابل للتطبيق سياسياً يهدف إلى إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية”، و”توحيد المؤسسات من خلال حكومة جديدة موحدة”، و”حوار مهيكل يتيح المشاركة الواسعة لليبيين في معالجة القضايا بالغة الأهمية التي يتعين التعامل معها لإيجاد بيئة مواتية للانتخابات والتصدي لدوافع الصراع المستمرة”.

وأكدت المبعوثة الأممية أنّ الخطة ستُنفّذ تدريجياً وفي حزمة واحدة، بحيث تمهّد كل خطوة الطريق للمرحلة التالية، مشيرة إلى أن الإطار الزمني المتوقع لإتمامها يتراوح بين 12 و18 شهراً. وأوضحت أن أولى المراحل تشمل إعادة تشكيل مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لملء المناصب الشاغرة وضمان استقلالها المالي والإداري، بالتوازي مع تعديل الأطر القانونية والدستورية لمعالجة المشكلات التي عطّلت الانتخابات في ديسمبر/  كانون الأول 2021، على أن تُستكمل هاتان الخطوتان خلال شهرين “إذا توفرت الإرادة السياسية”.

وبحسب تيتيه، ستعقب هذه الإجراءات مرحلة الاتفاق على حكومة موحّدة جديدة قادرة على تهيئة بيئة مواتية لانتخابات ذات مصداقية، مع اتخاذ تدابير موازية تتعلق بدعم المفوضية ومعالجة قضايا الأمن والحكم الرشيد والإدارة الاقتصادية والمصالحة. كما أشارت إلى أن البعثة الأممية ستعمل بالتوازي على تنظيم “حوار مهيكل” لا يقتصر على القوى السياسية والأمنية فحسب، بل يشمل أيضاً المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية والمكونات الثقافية والنساء والشباب والأشخاص ذوي الإعاقة، فضلًا عن ممثلين عن مؤسسات الحكم.

وقالت إنّ هذا الحوار “سيخرج بتوصيات لصياغة تغييرات سياسية فورية في قطاع الأمن والإصلاحات الاقتصادية والمصالحة، كما سيسهم في العملية الدستورية عبر معالجة قضايا الحكم التي حدّدها الليبيون خلال المشاورات المتواصلة على أنها بالغة الأهمية وطال انتظار معالجتها”، مؤكدة أن الخارطة ستتضمن ضمانات تسمح باللجوء إلى بدائل إذا حاولت أطراف معينة تعطيل التقدم، وأن البعثة ستطلب دعم مجلس الأمن لاتخاذ التدابير الضرورية لضمان عدم إعاقة المسار.

أطراف ليبية ترحّب بخارطة الطريق السياسية

ورحّب رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، بالإحاطة التي قدّمتها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، أمام مجلس الأمن مساء الخميس. وقال الدبيبة، في تدوينة نشرها عبر حساباته على المنصات الإلكترونية ليل الخميس، إن حكومته كانت قد حذّرت مبكراً من أن القوانين الانتخابية “هي العائق الذي عطّل مسار الانتخابات منذ 2021″، مضيفاً أن ما أعلنته المبعوثة الأممية “اليوم جاء ليؤكد ما قلناه، ويجعل معالجة هذه النقطة أولوية أساسية للانطلاق ضمن خريطة الطريق التي أُعلنت ملامحها المبدئية، وهو أمر نرحب به وندعمه”. وأكد أن أي مسار يفتح الطريق نحو الانتخابات وتوحيد المؤسسات “يُعد خطوة في الاتجاه الصحيح”، مشددًا على أن موقف حكومته الثابت هو أن الذهاب المباشر إلى صناديق الاقتراع على أساس قوانين قابلة للتنفيذ “هو الحل الوحيد لإنهاء الانقسام السياسي وتحقيق إرادة الليبيين”.

كما أبدى الدبيبة ترحيباً بما طرحته تيتيه بشأن إنهاء الأجسام الموازية وتوحيد مؤسسات الدولة، لكنه حذّر في الوقت نفسه من استغلال هذا الهدف لتعطيل الاستحقاق الانتخابي. وقال إن “التوافق على إنهاء الأجسام الموازية، وفق مرجعية الاتفاق السياسي وملاحقه، أمر مرحب به ويدعم مسار التوحيد، لكنه لا يجب أن يكون ذريعة لتأخير الانتخابات أو تعطيل إرادة الشعب”. وأشار إلى أن المشاركة الواسعة في الانتخابات البلدية الأخيرة تثبت أن الليبيين “متلهفون لتجديد الشرعية، ولن يقبلوا باستمرار الدوران في دوامة المراحل الانتقالية”.

كذلك، رحّب رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بخريطة الطريق التي أعلنتها تيتيه، مشيداً بدعوتها إلى تشكيل حكومة موحّدة جديدة تتولى تهيئة الظروف لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة. وأكد صالح، في بيان له اليوم الجمعة، أن ما ورد في الخارطة يمثل “خطوة أساسية نحو توحيد السلطة التنفيذية وتعزيز وحدة الصف الليبي”، مشدداً على دعمه الكامل لهذه الدعوة “بما يضمن توحيد مؤسسات الدولة وصون السيادة الوطنية، وتحقيق تطلعات الليبيين في الأمن والتنمية والازدهار”. كما شدّد صالح على أن الحكومة الحالية المنبثقة عن مجلس النواب، برئاسة أسامة حماد، “هي الحكومة الشرعية المنبثقة عن مجلس النواب ونالت ثقته”، داعياً في الوقت نفسه إلى المضي في المسار الأممي بما يخدم الاستقرار وإنهاء الانقسام. 

وفي بيان موازٍ، رحّب رئيس الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، أسامة حماد، بخريطة الطريق الأممية وما تضمنته من دعوة إلى تشكيل سلطة تنفيذية جديدة، معتبراً أن ذلك يعكس استجابة لضرورة “قيادة المرحلة المقبلة عبر حكومة موحّدة تمثل جميع الليبيين وتضمن استكمال الاستحقاقات الدستورية والانتخابية”. وأكد حماد التزام حكومته بـ”خيار الشعب الليبي وإرادته الحرة الداعية إلى إنهاء المراحل الانتقالية عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية حرة ونزيهة”، مضيفاً أن حكومته على أتمّ الاستعداد “للتعاون مع كافة الأطراف الوطنية والدولية بما يخدم مصلحة ليبيا العليا ويحفظ سيادتها واستقرارها”.