الرئيسية

اعتقال محتجين على تعاون "مايكروسوفت" مع إسرائيل



من ساحة الاعتصام في مقر “مايكروسوفت”، 20 أغسطس 2025 (لا أزور للإبادة/ إكس)

اعتقلت الشرطة الأميركية، أمس الأربعاء، 18 شخصاً خلال اعتصام في حرم شركة مايكروسوفت في مدينة ريدموند في ولاية واشنطن، نظمه على مدار يومين موظفون حاليون وسابقون، احتجاجاً على تعاونها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي يرتكب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

تواصلت التظاهرات ليومين متتاليين في حرم “مايكروسوفت” الشرقي في ريدموند التي أعلنها المحتجون “منطقة محررة” وأطلقوا عليها اسم ساحة “أطفال فلسطين الشهداء”، حيث طالبوا الشركة بقطع علاقاتها التجارية فوراً مع إسرائيل، والدعوة إلى إنهاء الإبادة الجماعية والتجويع القسري، ودفع تعويضات للفلسطيين، وإنهاء التمييز بين العمال. وقالوا في بيان لهم: “نرفض أن نكون جزءاً من النظام الذي ينزع إنسانية الفلسطينيين ويسهل قتلهم الجماعي. نرفض التواطؤ في الإبادة الجماعية. نرفض التعايش مع التطبيع أمام هولوكوست هذا العصر”.

لكن وعلى عكس يوم الثلاثاء حين غادر نحو 35 محتجاً كانوا قد سيطروا على ساحة بين مبان مكتبية بعدما طلبت منهم الشركة الانصراف، “قاوم” المحتجون يوم الأربعاء وأصبحوا “عدوانيين”، بعدما أبلغت “مايكروسوفت” الشرطة أنهم موجودون في المكان عنوة، وفق ما زعمته شرطة ريدموند. كما ألقى المحتجون طلاء أحمر يشبه لون الدم على لافتة بارزة تحمل شعار الشركة واسم “مايكروسوفت” بأحرف رمادية كبيرة. وقالت المتحدثة باسم الشرطة، جيل غرين: “قلنا لهم: رجاء غادروا وإلا ستعتقلون، لكنهم اختاروا عدم المغادرة، فتم توقيفهم”. ا

لاحتجاج الذي نظّمه تجمع “لا أزور للإبادة” (No Azure for Genocide group) طالب “مايكروسوفت” بسحب استثماراتها من إسرائيل. وقال أحد المشاركين في الاحتجاج، وهو حسام نصر، إن التجمع قرر تصعيد تحركاته لعدم اتخاذ “مايكروسوفت” إجراءات كافية. وأضاف نصر، لصحيفة ذا غارديان البريطانية، أنه شعر بدافع شخصي لرفع صوته أكثر بعدما أقدمت قوات الاحتلال على اغتيال مراسل “الجزيرة” أنس الشريف وخمسة من زملائه في 10 أغسطس/آب الحالي. وقال نصر (26 عاماً) الذي عمل في “مايكروسوفت” ثلاث سنوات قبل فصله العام الماضي بعد تنظيمه وقفة تضامنية مع الفلسطينيين أمام مكاتب الشركة: “رأيته (الشريف) وهو يغطي أخبار غزة بلا كَلال، وسط المجاعة، ووسط حملات الإبادة، ووسط القصف. كان صوت الميدان، واستهدف عمداً”. وأضاف: “حدث ذلك في الأسبوع نفسه الذي نشرت فيه تقارير حول تخزين مايكروسوفت بيانات مراقبة جماعية جُمعت من مكالمات الفلسطينيين”.

في وقت سابق من هذا الشهر، كشفت صحيفة ذا غارديان ومجلة 972+ الإسرائيلية ومنصة لوكالة كول الإخبارية أن الوحدة 8200 في الاستخبارات الإسرائيلية استخدمت “أزور” لتخزين تسجيلات لملايين المكالمات الهاتفية التي يجريها الفلسطينيون في الضفة الغربية وغزة. ووفقاً لمصادر من داخل الوحدة 8200 قُوبِلَت في إطار التحقيق، فقد استُخدم ما استُخلص من هذا المخرون الضخم من المكالمات في البحث وتحديد أهداف القصف في غزة. هذا التحقيق أثار مخاوف بين المسؤولين في “مايكروسوفت” بشأن ما إذا كان بعض موظفيها في إسرائيل كانوا شفافين تماماً حول معرفتهم بكيفية استخدام الوحدة 8200 لـ”أزور”، وفقاً لما نقلته “ذا غارديان” السبت الماضي، عن مصادر مطلعة على المسألة. وبحسب المصادر، فإن “مايكروسوفت” تحاول الآن تحديد طبيعة المعلومات المخزنة في مراكز بياناتها وإعادة التدقيق في كيفية استخدامها من الجيش الإسرائيلي في عدوانه المتواصل على قطاع غزة.

في مايو/أيار الماضي، أعلنت “مايكروسوفت” أن مراجعتها لعلاقتها بجيش الاحتلال لم تجد “أي دليل حتى الآن” على أن “أزور” استُخدمت “لاستهداف أشخاص أو إيذائهم” في غزة. ويُفهم أن نتائج المراجعة اعتمدت جزئياً على ضمانات تلقتها الشركة من موظفين في إسرائيل. لكن في الأيام الأخيرة، أعرب بعض كبار التنفيذيين في مقر الشركة في الولايات المتحدة عن شكوكهم في صحة المعلومات التي تلقوها من بعض الموظفين في إسرائيل الذين يديرون علاقة الشركة مع جيش الاحتلال. وقال أحد المصادر المطلعة على النقاشات الداخلية إن المسؤولين التنفيذيين لم يتمكنوا من التحقق من بعض المعلومات التي قدمها الموظفون في إسرائيل، وتساءلوا عما إذا كان هؤلاء أكثر ولاء لجيش دولتهم من الشركة. وباستخدام وثائق مسربة من “مايكروسوفت”، حددت “ذا غارديان” عدداً من الموظفين المشاركين في إدارة مشاريع مع الوحدة 8200، والذين سبق أن أعلنوا على الإنترنت أنهم خدموا أو ما زالوا في الاحتياط لدى هذه الوحدة النخبوية المختصة بالتجسس، والمماثلة في مهامها لوكالة الأمن القومي الأميركية.

ورغم المخاوف التي أثارها المسؤولون التنفيذيون أخيراً، فإن “مايكروسوفت” لم تطلق بعد مراجعة رسمية على غرار تلك التي أجرتها في وقت سابق هذا العام بشأن عملها مع جيش الاحتلال الإسرائيلي. ونقلت “ذا غارديان” عن متحدث باسم “مايكروسوفت”، الأسبوع الماضي، قوله إن الشركة “تأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد، كما أظهر تحقيقنا المستقل السابق. ومع ورود معلومات جديدة، نحن ملتزمون بالتأكد من أننا نتحقق من أي بيانات جديدة ونتخذ أي إجراء ضروري”.

وبحسب الملفات المسربة، فقد كانت “مايكروسوفت” – بمن في ذلك كبار التنفيذيين فيها – على علم بأن الوحدة 8200 تخطط لنقل كميات كبيرة من البيانات الاستخبارية الحساسة والسرية إلى “أزور” منذ بدء التعاون بين الطرفين عام 2021. لكن الشركة أصرت على أن المسؤولين التنفيذيين لم يكونوا على علم بأن “أزور” تُستخدم لتخزين محتوى المكالمات الفلسطينية التي تم التجسس عليها. وقال متحدث هذا الأسبوع: “ليست لدينا أي معلومات تتعلق بالبيانات المخزنة في بيئة السحابة الخاصة بالعميل”.

وفي بيان صدر عن جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد نشر التحقيق، قال متحدث: “نحن نقدر دعم مايكروسوفت في حماية الأمن السيبراني لدينا. نؤكد أن مايكروسوفت لا تعمل، ولم تعمل، مع الجيش الإسرائيلي على تخزين أو معالجة البيانات”. وقالت مصادر من “مايكروسوفت” إن هذا البيان أثار استغراب المسؤولين في الشركة، إذ ليس سراً أن “مايكروسوفت” توفر تخزيناً سحابياً للجيش بموجب عقود مع وزارة الأمن الإسرائيلية.