ترامب في منتجعه الدولي للغولف في اسكتلندا، 29 يوليو 2025 (Getty)
أظهرت إفصاحات رسمية أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أجرى مئات من عمليات شراء السندات منذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2025، تجاوزت قيمتها 100 مليون دولار، في خطوة أثارت مجدداً الجدل حول تضارب المصالح بين منصبه واستثماراته الخاصة، وفق رويترز. وبحسب الإفصاح المالي الصادر عن مكتب أخلاقيات الحكومة الأميركية بتاريخ 12 أغسطس/آب، نفذ ترامب نحو 690 عملية شراء لأدوات دين حكومية في 7 أشهر. وتشمل هذه السندات أدوات دين لولايات وبلديات ومقاطعات أميركية، إضافة إلى سندات شركات كبرى مثل كوالكوم، وميتا، وهوم ديبوت، وتي-موبايل، ويونايتد هيلث جروب.
وأوضح الإفصاح أن قيمة بعض المشتريات بلغت ما لا يقل عن 500 ألف دولار في كل صفقة، مثل شراء سندات من كوالكوم وهوم ديبوت وتي-موبايل في فبراير/شباط الماضي، بينما اشترى سندات لشركة ميتا بما لا يقل عن 250 ألف دولار لاحقاً. هذه الصفقات، بحسب “بلومبيرغ”، ترفع إجمالي استثمارات ترامب في السندات إلى نحو 103.7 ملايين دولار حتى مطلع أغسطس/آب 2025. وقال ترامب إنه وضع شركاته في صندوق استئماني يديره أبناؤه. لكن الإفصاحات تظهر أن الدخل من هذه الأصول لا يزال يعود إليه، ما يثير انتقادات حول تضارب المصالح. وذكرت رويترز أن ترامب يعد أول رئيس أميركي منذ صدور قانون الأخلاقيات عام 1978 يرفض نقل أصوله إلى صندوق “أعمى” مستقل، بخلاف ما فعله أسلافه.
وأشارت “بلومبيرغ” إلى أن بعض هذه السندات تخص قطاعات تأثرت مباشرة بسياسات ترامب الاقتصادية، خصوصاً بعد فرضه رسوماً جمركية هي الأعلى منذ عقود، الأمر الذي وضعه في موقع يجمع بين صانع القرار والمستثمر المستفيد. وحتى مساء اليوم الأربعاء، لم يرد البيت الأبيض على طلبات التعليق بشأن هذه الاستثمارات، وهو ما أبقى باب الجدل مفتوحاً حول مدى التزام ترامب بالفصل بين ثروته الشخصية ومسؤولياته العامة.
ومنذ صدور قانون أخلاقيات الحكومة الأميركية عام 1978، التزمت الإدارات المتعاقبة بقاعدة غير مكتوبة تقضي بأن يقوم الرئيس ببيع أصوله أو وضعها في صندوق استئماني “أعمى” يديره طرف مستقل، وذلك لتفادي أي تضارب مصالح. وقد باع الرئيس جيمي كارتر مزرعته للفول السوداني بالكامل حفاظاً على الشفافية، بينما وضع كل من جورج بوش الابن وباراك أوباما أصولهما في صناديق استثمارية آمنة. على العكس من ذلك، رفض ترامب الالتزام بهذا التقليد منذ ولايته الأولى، وأبقى على ثروته ضمن سيطرته المباشرة عبر أبنائه.
وتقدر ثروة ترامب بنحو 6.4 مليارات دولار، وفق مؤشر بلومبيرغ للمليارديرات. وتتوزع أصوله بين العقارات الفاخرة مثل منتجع مارالاغو في فلوريدا، وحصص في شركات إعلامية مثل شركة ترامب للإعلام والتكنولوجيا، إضافة إلى استثمارات متزايدة في العملات المشفرة التي عززت ثروته بمئات الملايين خلال العامين الأخيرين. ويعكس اختيار ترامب التركيز على السندات سعيه إلى الاستثمار في أداة مالية أكثر أماناً نسبياً مقارنة بالأسهم، إذ تمنحه دخلاً ثابتاً، وتقلل من المخاطر المرتبطة بتقلبات السوق. غير أن شراءه سندات لشركات كبرى مثل كوالكوم وميتا وتي-موبايل، وهي شركات على تماس مباشر بالسياسات الفيدرالية، أثار مخاوف من احتمال استفادته شخصياً من القرارات التي يتخذها بصفته رئيساً، ما يضاعف الجدل حول تضارب المصالح.
(رويترز، العربي الجديد)