الرئيسية

انطلاقة بهوية محدَّثة لوكالة سانا السورية: نقطة تحوّل



في سياق عملية إعادة هيكلة للإعلام الرسمي في سورية، دشّنت وكالة الأنباء السورية “سانا” انطلاقتها الجديدة تحت شعار “نقطة تحول”، بهوية بصرية محدَّثة، وذلك خلال حفل افتتاح حضره وزير الإعلام حمزة المصطفى وممثلون عن وسائل الإعلام، في خطوة تستهدف تقديم صورة أكثر عصرية تُبرز النقلة الفنية والإعلامية التي شهدتها الوكالة، بما في ذلك إدخال اللغة الكردية، في إطار تغيير طريقة تعاطيها مع الأخبار والرأي العام داخل البلاد وخارجها.

وأقيمت في المركز الوطني للفنون البصرية في دمشق، أمس الأربعاء، مراسم الإعلان عن الانطلاقة الجديدة للوكالة، بمشاركة واسعة من شخصيات رسمية وإعلامية سورية ودبلوماسيين أجانب. وصرح وزير الإعلام حمزة المصطفى، خلال الحفل، أن الوكالة التي ارتبط اسمها في الذاكرة الجمعية بمرحلة النظام البائد، تحولت آنذاك إلى أداة دعائية للقمع والتزييف، متعهداً بفتح صفحة جديدة تستعيد فيها “سانا” دورها الطبيعي منبراً مهنياً وطنياً يعنى بخدمة الخبر ونقله بأمانة ومسؤولية. وأكد الوزير أن الانطلاقة الجديدة تعيد التعريف برسالة الوكالة ودورها، لتقديم خدمة إخبارية وطنية شاملة، هدفها أن تكون ناقلةً للحدث، ومرآةً للمجتمع، ومصدراً للمعلومة الموثوقة محلياً وعالمياً. وأضاف: “ندرك أن الحاجة إلى مصدر رسمي رصين وشفاف لم تعد ترفاً، بل شرطٌ أساسي لبناء المجال العام واستعادة ثقة الجمهور”.

من الحفل، 20 أغسطس 2025 (عبد الله السعد)

وقال المدير العام لـ”سانا” زياد المحاميد، في تصريحات صحافية، إن وكالة الأنباء الرسمية شهدت عملية تحديث شاملة في كوادرها البشرية وبنيتها التحتية ومعداتها، بما يلائم متطلبات الصحافة الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلام الحديث ككل. وأضاف المحاميد أن مديرية خاصة بالإعلام الرقمي استحدثت داخل الوكالة، مهمتها تحويل المحتوى التقليدي إلى محتوى يتناسب مع المنصات الرقمية والجمهور المستهدف. كما أشار إلى توسيع شبكة المراسلين داخل سورية وخارجها عبر إنشاء مديرية متخصصة بهذا الشأن. وبيّن أن “سانا” ستباشر بعد انطلاقتها الجديدة بفتح مكاتب خارجية، وتوظيف مراسلين ومتعاونين في مختلف دول العالم، خصوصاً في أميركا الشمالية وأوروبا وآسيا. وعلى الصعيد اللوجستي، أوضح المحاميد أن الوكالة استبدلت جميع المعدات القديمة بأخرى حديثة “تواكب التطور التكنولوجي والخط التحريري الجديد”. كما جددت مبنى مقرها الرئيسي في دمشق بما يتوافق مع هويتها البصرية الجديدة.

وأفاد بأن عملية إعادة الهيكلة شملت الكوادر البشرية أيضاً، إذ اختير فريق من أفضل موظفي الوكالة لتولي المهام الجديدة. وفيما يتعلق باللغات، أكد المحاميد أن الوكالة ستقدم محتواها بعدة لغات، أبرزها الإنكليزية والتركية والفرنسية والإسبانية إلى جانب الكردية. وشدد على أن قسم الترجمة لن يقتصر على النقل الحرفي للأخبار، بل سيعمل على إنتاج محتوى خاص به موجه للجمهور الناطق بكل لغة.

كما لفت إلى أن “سانا” تمتلك أرشيفاً ضخماً يغطي الفترة الممتدة منذ عام 1965 وحتى اليوم، وقد نقل إلى الوسط الرقمي لحمايته من مخاطر التلف. وتهدف الوكالة السورية للأنباء خلال المرحلة المقبلة إلى تسخير هذا الأرشيف مورد دخل لها عبر تسويقه لمشتركيها. وأكد أن إدارة الوكالة تطمح إلى تطوير قدراتها لتكون في مقدمة الوكالات العربية، ومنافسة لنظيراتها الإقليمية خلال السنوات الخمس المقبلة.

مقر “سانا” في دمشق، 20 أغسطس 2025 (عبد الله السعد)

من جانبه، تحدث مدير مديرية المراسلين في الوكالة، عارف وتد، لـ”العربي الجديد” عن مستويات التغيير التي شملتها عملية إعادة الهيكلة، موضحاً أنها ارتكزت على ثلاثة محاور رئيسية: المستوى الإداري والتنظيمي: إعادة توزيع المهام داخل المؤسسة، وتوحيد غرف الأخبار، واعتماد آليات عمل حديثة تواكب احتياجات الجمهور المحلي والشركاء الإعلاميين. والمستوى التحريري والإنتاجي: تطوير السياسة التحريرية لتصبح أقرب إلى الناس وأكثر مهنية، مع إدخال تقنيات السرد البصري والملتميديا في صناعة المحتوى. والمستوى التقني والرقمي: تحديث البنية الرقمية عبر منصات تفاعلية وتوسيع الحضور على شبكات التواصل الاجتماعي بعدة لغات. أما أبرز التغييرات على صعيد البنية التحتية والكوادر البشرية والجانب اللوجستي، فقد شملت وفق وتد: البنية التحتية: تحديث غرف الأخبار بتقنيات إنتاج وأرشفة متطورة، وتعزيز شبكات الإنترنت الآمنة. الكوادر البشرية: استقطاب جيل جديد من المراسلين والمصورين، مع الاستفادة من خبرات الصحافيين القدامى، وإطلاق برامج تدريب وورش عمل مستمرة.

من حفل الإطلاق، 20 أغسطس 2025 (عبد الله السعد)

مقارنة بواقع الوكالة السابق، قال وتد إن “سانا” عُرفت لسنوات بطابعها السلطوي التقليدي واعتمادها الكبير على النصوص المكتوبة، أما اليوم فهي أمام نقلة نوعية بفضل تطوير السياسة التحريرية، واستقطاب الكفاءات، وتحديث أدوات الإنتاج، لتصبح وكالة عصرية قادرة على المنافسة إقليمياً، بمضامين مرئية وتفاعلية ولغة أقرب إلى الجمهور، وحضور متعدد اللغات. وأشار وتد إلى أن إصدار نشرة يومية باللغة الكردية يُعد “محطة تاريخية، فهي الأولى منذ تأسيس الوكالة قبل ستة عقود”، مؤكداً أن الخطوة تعكس حرص “سانا” على الوصول إلى شريحة أوسع من الجمهور المحلي وإبراز التنوع الثقافي واللغوي في البلاد، من خلال تغطية شاملة للمجالات الوطنية والسياسية والثقافية والخدمية.