تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الثالث على التوالي، حصارها قرية المغير، شمال شرق رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، بالتوازي مع حملة مداهمات، واعتقالات، وتحقيقات ميدانية، وتخريب ومصادرة ممتلكات، وذلك عقب ادعائها إصابة مستوطن بعملية إطلاق نار في بؤرة استيطانية مقامة على أراضي القرية أول من أمس الخميس.
وأوضح نائب رئيس مجلس قروي المغير مرزوق أبو نعيم لـ”العربي الجديد”، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي واصلت اليوم السبت، إغلاق جميع مداخل القرية بشكل كامل، وتقيم حواجز عسكرية، وأجبرت أصحاب المحال التجارية، والمخبز، والصيدلية على إغلاقها. ووفق أبو نعيم، فقد منعت قوات الاحتلال الدخول والخروج من القرية، بما في ذلك حركة السيارات، ومنعت سيارات الإسعاف، ما يكبد الأهالي معاناة كبيرة، خاصة المرضى والنساء الحوامل الذين اضطر بعضهم للوصول إلى الحواجز مشياً على الأقدام، ثم الانتقال إلى قرى مجاورة للعلاج.
ولفت أبو نعيم إلى أن قوات الاحتلال نفذت بالتزامن، سلسلة مداهمات لمنازل المواطنين، تخللها تخريب واسع للمحتويات، وسرقة أموال ومصاغ ذهبي، بالإضافة إلى مصادرة سيارات سواء كانت قانونية أو غير قانونية. وبحسب أبو نعيم، فقد احتجزت قوات الاحتلال عشرات الشبان، واعتدت عليهم بالضرب، وحققت معهم ميدانياً، واعتقلت عدداً منهم. ولفت إلى أن آليات الاحتلال تواصل اقتلاع آلاف أشجار الزيتون، بينها أشجار معمّرة، والقريبة من الشارع الاستيطاني الذي يطوّق القرية بمسافة نحو 4 كيلومترات بعمق 400 متر عن الشارع الاستيطاني، علماً أن أشجار المواطنين تقع غالبيتها هناك.
الاحتلال يقتلع مئات أشجار الزيتون في سهل المغير شمال شرق رام الله، خلال العدوان المتواصل. pic.twitter.com/czoQHYnWnP
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) August 22, 2025
وأشار أبو نعيم إلى أن قوات الاحتلال، بعد أن شرعت في تجريف أشجار الزيتون واقتلاعها من سهول القرية، أرسلت أمس الجمعة، إلى المجلس القروي إخطاراً بإزالة تلك الأشجار بذريعة “أمنية”. وأوضح أن القرار جاء بعد انتشار صور ومعلومات إعلامية حول عمليات الاقتلاع الواسعة، مشدداً على أن ما يجري “انتقام جماعي” ينفذه جيش الاحتلال استجابة لمطالب المستوطنين. وأكد، من ناحية ثانية، أن قوات الاحتلال صادرت نحو 70 مركبة من قرية المغير، بينها مركبات قانونية وأخرى غير قانونية، ونقلتها إلى السهل الذي يقع على أطرافها، حيث يُجبر أصحاب المركبات القانونية على دفع 600 شيكل (نحو 180 دولاراً) مقابل استعادتها، فيما تمت مصادرة المركبات غير القانونية بشكل كامل.
وأكد أبو نعيم أن ما تقوم به قوات الاحتلال الإسرائيلي هو حملة انتقامية بحق أهالي القرية، وتمثل ذلك بتحريض المستوطنين على القرية. وبيّن أن الحصار المفروض لليوم الثالث لم يؤدِّ حتى الآن إلى نقص في المواد الغذائية والتموينية، إلا أن استمرار الإغلاق قد يقود إلى تدهور الوضع الإنساني، خصوصاً على صعيد نقص الغذاء والدواء، وتفاقم معاناة المرضى في القرية.
ومساء اليوم، اعتقلت قوات الاحتلال رئيس مجلس قروي المغير، أمين أبو عليا، بعد أن اضطر لتسليم نفسه على أحد الحواجز العسكرية، وذلك عقب اقتحام منزله والضغط عليه من خلال اعتقال نجله. وأفاد أبو نعيم لـ”العربي الجديد”، بأن قوات الاحتلال اقتحمت منزل أبو عليا وفتشته وخربت محتوياته قبل أن تعتقل نجله عبيدة للضغط عليه من أجل تسليم نفسه، ليُفرج عن عبيدة لاحقاً بعد تسليم أبو عليا نفسه.
وأوضح أبو نعيم أن الاعتقال جاء بعد أيام من تحريض المستوطنين عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى رسائل تهديد صوتية أرسلوها له عبر تطبيق “واتساب”، رغم أنه يمارس مهامه كرئيس مجلس قروي ويجري مقابلات إعلامية ولم يقم بأي نشاط مخالف.
والجمعة، زعم جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، في بيان مشترك مع الجيش والشرطة الإسرائيليين، اعتقال “منفذ هجوم الخميس بالقرب من المغير”. والخميس، ادعى جيش الاحتلال أنّ فلسطينياً أطلق النار على مستوطنين قرب بؤرة استيطانية قريبة من المغير، ما أدى إلى اندلاع اشتباك بين الفلسطيني والمستوطنين. وأضاف أنّ مستوطناً إسرائيلياً أُصيب بجروح “طفيفة” خلال الحادث. وتداول ناشطون عبر مواقع التواصل مقاطع مصورة لعمليات جيش الاحتلال في المغير، أحدها يظهر جندياً يحطم مركبة فلسطينية عبر إلقاء حجارة عليها، وأخرى لعمليات اعتقال وتنكيل، وتجريف واقتلاع لأشجار بالبلدة.
في الأثناء، أكد الهلال الأحمر الفلسطيني أن طواقمه في رام الله تعاملت مساء اليوم، مع إصابة بالرصاص في القدم لرجل قرب جدار الفصل العنصري المقام على أراضي بلدة الرام شمال القدس، مشيراً إلى أنه جرى نقل المصاب إلى المستشفى.
حماس تحذر من دعوات اقتحام الأقصى
وفي سياق آخر، اعتبرت حركة حماس الدعوات التي أطلقتها مجموعات إسرائيلية متطرفة لتكثيف اقتحام المسجد الأقصى في مدينة القدس المحتلة “تصعيداً خطيراً يأتي ضمن حرب إسرائيل الدينية المتصاعدة بحق الأرض والمقدسات”، محذرة من تداعيات هذه الاستفزازات. وقال عضو المكتب السياسي ومسؤول مكتب شؤون القدس في حركة حماس هارون ناصر الدين في بيان، اليوم السبت، إنّ “الدعوات التحريضية، التي أطلقها المستوطنون لتكثيف اقتحام المسجد الأقصى المبارك تزامناً مع ما يسمى رأس الشهر العبري، تصعيد خطير يستهدف مكانة الأقصى”.
وأكد ناصر الدين، بحسب ما نقلته وكالة الأناضول، أنّ هذه الاقتحامات “تأتي ضمن حرب الاحتلال الدينية المتصاعدة بحق أرضنا ومقدساتنا”، مجدداً التأكيد على رفض حماس كل محاولات الجماعات المتطرفة فرض “وقائع جديدة في المسجد الأقصى”. وشدد على أن “هذه الاعتداءات تمثل انتهاكاً صارخاً لحرمة المقدسات الإسلامية، وتحدياً سافراً لمشاعر المسلمين حول العالم”. كما حذر من خطورة الوضع الراهن في مدينة القدس ومن “التداعيات نتيجة هذه الممارسات الإرهابية والاقتحامات الاستفزازية”، داعياً الفلسطينيين “إلى شدّ الرحال نحو المسجد الأقصى، وإعماره بالصلاة والاعتكاف والرباط الدائم فيه”، ومطالباً الأمة العربية والإسلامية بتحمل مسؤولياتها تجاه المسجد.
وتطالب جماعات إسرائيلية متطرفة بشكل دائم بتنفيذ اقتحامات للمسجد الأقصى فيما تتكثف هذه الدعوات بالتزامن مع المناسبات الدينية اليهودية. ويؤكد الفلسطينيون أن هذه الاقتحامات تأتي ضمن مساع إسرائيلية مكثفة لتهويد القدس الشرقية، بما فيها المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية، متمسكين بها عاصمة لدولتهم المنشودة استناداً إلى قرارات الشرعية الدولية التي لا تعترف باحتلال المدينة عام 1967، أو بضمها في 1980.
اقتحامات في جنين ونابلس شمالي الضفة
وعلى صعيد الاقتحامات اليومية لمدن وبلدات الضفة الغربية، نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم السبت، عمليات اعتقال ومداهمات في مناطق مختلفة من الضفة، طاولت تخريب ممتلكات المواطنين ومحتويات منازلهم، واعتقال عدد من الفلسطينيين. واعتقلت قوات الاحتلال، فجراً، عدداً من الشبان واقتحمت منازل عدة، خلال اقتحامها الحي الشرقي من مدينة جنين، شمالي الضفة. وقالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، إن قوات الاحتلال اقتحمت الحي الشرقي بعدة آليات عسكرية، ودهمت بناية سكنية، وفتشت عدداً من منازل المواطنين، وحطمت محتوياتها، واحتجزت رجلاً وزوجته، وحققت معهما ميدانياً، للضغط على نجلهما أحمد لتسليم نفسه، كما اعتقلت عدداً من الشبان.
وفي بلدة عتيل، شمالي طولكرم، دهمت قوات الاحتلال منزلين واعتقلت فلسطينيَّين. إلى ذلك، اقتحمت قوات الاحتلال فجراً، البلدة القديمة من نابلس، شمالي الضفة الغربية، وعدة أحياء أخرى بالمدينة. وقالت “وفا”، إن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة القديمة في ساعات الفجر الأولى، وتمركزت في حارة الياسمينة، وحوش العطوط، وشارع الباشا. وذكرت أن قوات الاحتلال اقتحمت أيضاً منطقة عين كاكوب في المنطقة الشرقية، ثم عاودت اقتحام حي المعاجين غربي المدينة، ودهمت منزل الأسير عادل دويكات، وذلك بالتزامن مع سماع أصوات انفجارات في المنطقة، قبل انسحابها من المنطقة.
اعتداءات مستمرة للمستوطنين
إلى ذلك، وبشأن اعتداءات المستوطنين، أكد رئيس مجلس قروي دير نظام، نصر مزهر لـ”العربي الجديد”، أنّ مستوطنين هاجموا اليوم السبت، تجمع عرب النجادة البدوي جنوب غرب قرية دير نظام شمال غرب رام الله وسط الضفة الغربية، وهم من المستوطنين الذين أقاموا بؤرة استيطانية جديدة على أراضي القرية قبل نحو شهر ونصف الشهر.
وأوضح مزهر أنّ المستوطنين تجوّلوا بين مساكن الأهالي بطريقة استفزازيّة، وألقوا النفايات أمام مساكن التجمّع في محاولة لإهانة السكان وبثّ أجواء من التوتر والتضييق على الأهالي. وفي السياق ذاته، أفادت مصادر محلية بأن مستوطناً اقتحم، اليوم، تجمعاً بدوياً في قرية عطارة شمال غرب رام الله، وحاول الاعتداء على امرأة بالضرب.
من جهة أخرى، أكد المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو والقرى المستهدفة في فلسطين، حسن مليحات، في حديث لـ”العربي الجديد”، أن مجموعة من المستوطنين اقتحمت اليوم، تجمع شلال العوجا شمال أريحا شرقي الضفة الغربية، إذ تجوّلوا بين منازل ومساكن الأهالي في محاولة لتخويفهم وإرغامهم على ترك المنطقة. وأوضح مليحات أنّ هذا الاقتحام يأتي في إطار سلسلة من الممارسات المنظّمة التي تهدف إلى التضييق على التجمعات البدوية وإجبارها على الرحيل قسراً عن أراضيها لصالح التوسّع الاستيطاني.