فيلدكامب بعد انتهاء اجتماع مجلس الوزراء في لاهاي، 22 أغسطس 2025 (Getty)
أعلن وزير الخارجية الهولندي كاسبار فيلدكامب، مساء الجمعة، استقالته من منصبه بعد جدل بشأن فرض عقوبات محتملة على إسرائيل خلال جلسة حكومية. ونقلت وكالة “إيه إن بي” للأنباء عن فيلدكامب قوله: “أرى أنني لست في موقع يخوّلني اتخاذ إجراءات إضافية ذات أهمية” من أجل الضغط على إسرائيل. وكان فيلدكامب قد صرّح، أمس الخميس، برغبته في اتخاذ تدابير إضافية ضد إسرائيل، بعد إعلان أمستردام الوزيرين الإسرائيليين اليمينيين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش “شخصين غير مرغوب فيهما” في يوليو/تموز الفائت. كما أن هولندا من بين 21 دولة وقعت على بيان مشترك، الخميس، وصف مصادقة إسرائيل على مشروع استيطاني كبير في الضفة الغربية المحتلة بأنه “غير مقبول ومخالف للقانون الدولي”.
وقال فيلدكامب إن الإجراءات التي اقترحها جرت “مناقشتها بشكل جدي” لكنها واجهت معارضة في العديد من اجتماعات مجلس الوزراء. وبالتالي قرر الوزير الاستقالة معتقداً أنه لا يملك “ثقة كافية بقدرته على العمل وزيراً للخارجية في الأسابيع والأشهر والسنة المقبلة”.
وأدرجت هولندا للمرة الأولى إسرائيل، خلال شهر يوليو/تموز الفائت، على قائمة الدول التي تشكّل تهديداً لأمن البلاد، في تصنيف جاء مفاجئاً نظراً لأنه يصدر في وقت لا تزال فيه الحكومة الهولندية، التي تعدّ من الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، تعمل بوصفها حكومة تصريف أعمال.
وفي الـ28 من يوليو/تموز الماضي، قال رئيس الوزراء الهولندي ديك شوف، في منشور على “إكس”، إنه عقد اجتماعاً مع نواب رئيس الوزراء ووزيري الخارجية والدفاع “لمناقشة الوضع الكارثي في غزة”. وأضاف: “هدف الحكومة واضحٌ وضوح الشمس: يجب منح سكان غزة وصولاً فورياً وآمناً وغير مقيد إلى المساعدات الإنسانية. إذا قرر الاتحاد الأوروبي (…) أن إسرائيل لا تلتزم بالاتفاقيات ذات الصلة بهذا الشأن، فإن هولندا تدعم خطة تعليق مشاركة إسرائيل في برنامج الأبحاث الأوروبي “هورايزون”. وإذا ثبت ذلك، فستضغط هولندا (…) في بروكسل أيضاً من أجل اتخاذ مزيد من الإجراءات الأوروبية، على سبيل المثال في مجال التجارة”.
وكان رئيس وزراء هولندا قد وعد الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ بأنه لن يدعم فرض عقوبات تجارية على إسرائيل، لكن تغريدته دفعت الأخير إلى مهاجمته، في مواجهة غير مسبوقة بين رئيس إسرائيلي ورئيس حكومة تُعتبر صديقة لدولة الاحتلال.
وأظهرت هولندا، خلال الآونة الأخيرة، تدرجاً في الموقف المنتقد لإسرائيل على خلفية استمرار حرب الإبادة الجماعية على غزة، وسياسة التجويع التي يمارسها الاحتلال ضدّ الغزّيين. وفيما لم تنضم هولندا إلى الدول الأوروبية التي أعلنت أو ستعلن اعترافها بدولة فلسطين، إلا أن تياراً قوياً داخل الدولة، وشعبياً، بدا ضاغطاً خلال الفترة الأخيرة، ما حدا بالحكومة، التي تتخذ للمفارقة موقفاً متطرفاً ضد الهجرة وتعدّ بعض أجنحتها معادية للمسلمين، إلى بدء اتخاذ خطوات تراها ضرورية لزيادة الضغط على تل أبيب، رغم التحالف الوثيق بين الطرفين.
وأعلنت الأمم المتحدة، اليوم الجمعة، رسمياً، المجاعة في غزة، بعد أن حذّر خبراؤها من أن 500 ألف شخص يعيشون في حالة “جوع كارثي”، محملة إسرائيل المسؤولية عن ذلك في ظل حرب الإبادة التي تشنها على القطاع منذ العام 2023.
(فرانس برس، العربي الجديد)