عراقجي خلال مؤتمر صحافي في إسطنبول، 22 يونيو 2025 (أوزان كوزيه/فرانس برس)
أكد قائد الجيش الإيراني الجنرال أمير حاتمي، اليوم الجمعة، استعداد الجيش للرد على أي اعتداء وحق إيران في تطوير قدراتها الدفاعية، وجاء ذلك فيما أعلنت الخارجية الإيرانية عن مباحثات هاتفية عقدها وزير الخارجية عباس عراقجي مع وزراء أوروبيين تتناول الملف النووي، ومطالب إيران برفع العقوبات.
وقال الجنرال حاتمي، الجمعة، في رسالة وجّهها إلى وزير الدفاع الإيراني عزيز نصير زادة، بمناسبة اليوم الوطني للصناعات الدفاعية، إنّ بلاده لن تنتظر إذن أي قوة أجنبية لتلبية احتياجاتها الدفاعية. وشدّد على أن الجيش الإيراني مستعد لـ”ردّ أكثر تدميراً وأشدّ إيلاماً على أي معتد متآمر، بكل ما أوتي من قوة وصلابة”.
وأضاف حاتمي أنّ ما حقّق “انتصار” بلاده في الحرب الأخيرة، التي استمرت اثني عشر يوماً في يونيو/حزيران الماضي، هو استراتيجية الوحدة والانسجام الوطني وإرشادات المرشد الإيراني علي خامنئي، وتضحيات القوات المسلحة والمقاومة والوعي الشعبي، مشيراً إلى أنّ هذه العوامل “أحبطت مخططات العدو وأفشلت بلوغه أهدافه المشؤومة”.
مباحثات إيرانية – أوروبية
في سياق موازٍ، أفادت وزارة الخارجية الإيرانية، في بيان لها اليوم، بأن وزراء خارجية الدول الأوروبية الثلاث ومسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، أجروا محادثة هاتفية مشتركة مع وزير الخارجية الإيراني. وخلال هذه المحادثة الهاتفية، جرى توضيح مواقف إيران بشأن الآلية المعروفة باسم “سناب باك” ومسؤولية الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي في هذا الصدد، حيث أكد عراقجي على “انعدام الأهلية القانونية والأخلاقية” لهذه الدول في اللجوء إلى الآلية المذكورة، محذرا من عواقب ذلك.
وشدد عراقجي على أن “طهران، وكما تدافع عن نفسها بقوة، فإنها لم تتخلَّ أبدا عن المسار الدبلوماسي، وهي مستعدة لأي حل دبلوماسي يضمن حقوق الشعب الإيراني ومصالحه”. وفي معرض تعليقه على تكرار الطرح الأوروبي لتمديد القرار 2231 بهدف منح المزيد من الوقت للعمل الدبلوماسي، أوضح أن هذا قرار “يختص به أساسا مجلس الأمن، وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، رغم امتلاكها مواقف ورؤى مبدئية في هذا الشأن، ليست طرفا في هذا المسار”. وأردف قائلا إن إيران “ستتشاور وتتبادل وجهات النظر مع أصدقائها في مجلس الأمن بشأن آثار مثل هذا الإجراء والمسار المستقبلي”.
في المقابل، جددت الدول الأوروبية الثلاث وكالاس، خلال المحادثة الهاتفية، تأكيد استعدادهم لإيجاد حل دبلوماسي. وفي الختام، جرى الاتفاق على أن تُستكمل محادثات إيران مع الدول الأوروبية الثلاث والاتحاد الأوروبي يوم الثلاثاء المقبل على مستوى نواب وزراء الخارجية.
وكانت فرنسا وألمانيا وبريطانيا أبلغت، الثلاثاء الماضي، الأمم المتحدة استعدادها لتفعيل آلية “فض النزاع” أو “سناب باك”، المنصوص عليها في الاتفاق النووي المبرم عام 2015 وقرار مجلس الأمن رقم 2231 المرفق به، بهدف إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران. وجاء في رسالة وزراء خارجية الدول الثلاث إلى الأمم المتحدة: “أوضحنا أنّه إذا لم تكن إيران مستعدة للتوصل إلى حلّ دبلوماسي قبل نهاية أغسطس/آب 2025، أو لم تغتنم فرصة التمديد، فإنّ الدول الأوروبية الثلاث عازمة على تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات”.
والأربعاء، قال عراقجي في حديث إلى “إرنا” إنّ بلاده “في مرحلة تقييم ما إذا كان هناك أساس حقيقي لمفاوضات فعلية وتبادل جدي مع الأوروبيين أم لا”، وحذّر فرنسا وبريطانيا وألمانيا من تفعيل آلية “سناب باك” (آلية فض النزاع) لإعادة العقوبات وقرارات مجلس الأمن السابقة، معتبراً أنه “من غير المقبول السماح بحدوث ذلك، فهو أمر غير مستحب وله تبعات، وينبغي عدم الاستهانة به، رغم أنّ عودة هذه القرارات والعقوبات لم تعد تتمتّع بنفس الأهمية والتأثير السابقين”.
وعلّقت إيران المفاوضات مع الولايات المتحدة التي كانت تهدف إلى كبح طموحات طهران النووية، بعد أن ضربت الولايات المتحدة وإسرائيل مواقعها النووية في يونيو الماضي. ومنذ ذلك الحين، لم يتمكن مفتشو الوكالة الدولية للطاقة الذرية من دخول المنشآت النووية الإيرانية رغم تأكيد مدير الوكالة رافاييل غروسي أن عمليات التفتيش لا تزال ضرورية.
وتنتهي صلاحية آلية فض النزاع في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ما يعني أنه إذا لم تُقدِم الأطراف الأوروبية الثلاثة على تفعيلها قبل هذا التاريخ، فلن يكون لها الحق بذلك لاحقاً. ويصادف هذا التاريخ أيضاً انتهاء العمر الافتراضي للاتفاق النووي بعد مرور عشر سنوات على توقيعه، وهو الاتفاق الذي دخل في حالة غيبوبة منذ 8 مايو/أيار 2018 حين انسحبت الولايات المتحدة منه، وأعادت فرض عقوبات أشد على طهران، لتردّ الأخيرة بالانسحاب التدريجي من التزاماتها النووية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، لوّحت طهران أكثر من مرة، على لسان مسؤولين، بالانسحاب من معاهدة حظر الانتشار النووي أو من المفاوضات مع أوروبا، في حال لجوء الترويكا الأوروبية إلى تفعيل الآلية، من دون الكشف عن طبيعة الرد المحتمل. ويأتي هذا التصعيد في وقت تمر فيه المفاوضات الإيرانية الأميركية بمرحلة انسداد، والعلاقات بين طهران والوكالة الدولية للطاقة الذرية في أسوأ حالاتها، وسط اتهامات إيرانية للوكالة بأن تصريحات مديرها العام رافاييل غروسي وتقريرها الأخير قبل شهرين مهدت الطريق لقصف منشآت نووية إيرانية.