الرئيسية

السوريون يحيون الذكرى الـ12 لمجزرة الكيماوي في الغوطة: رعب لا يُنسى



أحيا آلاف السوريين وذوو الضحايا، فجر اليوم الخميس، الذكرى الثانية عشرة لمجزرة الغوطة الكيماوية بريف دمشق، التي ارتكبها النظام السوري البائد، وأسفرت عن وفاة أكثر 1144 شخصاً قضوا اختناقاً خلال ساعات قليلة، إثر قصف المنطقة بصواريخ محمّلة بمادة السارين.

وفي تمام الساعة الثانية فجراً، توقيت بدء الهجوم قبل 12 عاماً، تجمّع عشرات السوريين في شوارع مدن وبلدات الغوطة لإحياء ذكرى المجزرة. وصدحت المساجد بالتكبيرات لأول مرة، ووقف الأهالي دقيقة صمت في أماكن تنفيذ الهجوم، وهي المرة الأولى التي يحيي فيها السوريون ذكرى المجزرة في المنطقة بعد سقوط نظام الأسد.

يستذكر أحمد عوض، الناجي والمسعف وشاهد العيان على ليلة مجزرة الغوطة الكيميائية، قائلاً: “كنت جالساً أنا وابن عمي في النقطة الطبية، وبعد الساعة الواحدة فجراً سمعنا صوت صواريخ أُطلقت. وبعد خمس دقائق وصلنا عبر التعميم اللاسلكي خبر استخدام أسلحة كيميائية. في اللحظة الأولى استغربنا، فلطالما اعتدنا على القصف والطيران والصواريخ، لكن الهجوم الكيميائي كان شيئاً جديداً علينا”.

ويضيف عوض في حديث لـ”العربي الجديد”: “عندما توجهنا إلى منطقة سقوط الصواريخ، سمعت صوت صراخ طفل رضيع من أحد المنازل. وأثناء البحث باستخدام ضوء يدوي، شاهدت عائلة ميتة بأكملها. اقتربت من الصوت لأجد طفلاً رضيعاً في حضن أمه، فقمنا بنقله إلى المشفى. هناك شهدت الفاجعة الكبرى، إذ كان هناك مئات من الأشخاص، من أطفال ورجال، مستلقين على الأرض بحالات اختلاج، وبعضهم يلفظ أنفاسه الأخيرة”. ويتابع “في اليوم نفسه أثناء تنقلنا لإسعاف المصابين شاهدت سحابة بيضاء ولم أكن أعلم أن صاروخاً يحمل مادة السارين سقط في هذه المنطقة، أذكر أنني استنشقت رائحة غريبة، وبعدها أغمي علي وبقيت لساعات طويلة في المشفى”.

من جهته، يروي محمد اللحام، عضو في مجلس الأعيان بمدينة زملكا وأحد الناجين من المجزرة، لـ”العربي الجديد” ذكرياته عن تلك الليلة المرعبة: كان واقفاً في شرفة بيته عندما رأى ضوء الصواريخ المنطلقة من جهة جبل قاسيون، تلاها ضجة السيارات وأبواق الإسعاف.

يضيف: “اتجهت نحو البلدة، وكان المشهد صعباً للغاية، كأننا أمام يوم القيامة. كانت الجثث مرمية على الطرقات يميناً ويساراً عند مدخل زملكا، وسط صدمة كبيرة، والأطفال على الأرصفة، ونساء يبحثن عن أولادهن، والناس تصرخ وتنادي للنجدة. دخلت إلى أحد المباني لمحاولة المساعدة، فوجدت على السطح عشر جثث، كلها نساء باستثناء رجل عجوز. ساعدنا في إنزال الجثث، ثم بدأنا بالتوجه إلى أماكن أخرى لتقديم الإغاثة”. يتابع: “كان المنظر رهيباً وصعباً للغاية. وقع الهجوم الكيميائي حوالي الساعة الثانية فجراً، وفي الساعة السادسة بدأ النظام باقتحام عسكري باستخدام أكثر من 50 دبابة من محور واحد، بالإضافة إلى محاور أخرى من جهة عين ترما وجوبر وعربين”. وأشار إلى أن النظام السوري السابق أطلق الصواريخ، وسعى إلى محو آثارها بالاستيلاء على المنطقة والتخلص من مخلفات الأسلحة الكيميائية، في محاولة لإخفاء جريمته.

مضت 12 عاماً على مجزرة الكيماوي في الغوطة التي وقعت في ليلة الأربعاء 21 أغسطس/آب 2013، حين شنت قوات النظام السوري السابق أربع هجمات بأسلحة كيماوية على مناطق مأهولة في الغوطة الشرقية وبلدة معضمية الشام بالغوطة الغربية، مستخدمة ما لا يقل عن عشرة صواريخ محمَّلة بغازات سامة، تقدَّر حمولة كل صاروخ بحوالي 20 لتراً.

وقالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، في تقرير لها اليوم الخميس، في الذكرى الثانية عشرة لأكبر هجوم بالأسلحة الكيميائية في سورية، استهدف الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق، إن نحو 80% من مجمل ضحايا الأسلحة الكيميائية في سورية قضوا في يومٍ واحد. وأوضحت أن هجوم السارين على الغوطتين الشرقية والغربية أودى بحياة 1144 شخصاً بينهم 99 طفلاً و194 سيدة وإصابة نحو 5935 آخرين.

وأضافت أن الذكرى تحلّ في مرحلة مفصلية من تاريخ سورية، مع دخول البلاد مساراً انتقالياً يشهد التزاماً حكومياً متزايداً بالتعاون مع منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بما يفتح نافذة حقيقية لتحقيق العدالة وكشف الحقائق كاملة، وضمان محاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجرائم.