أخبار الاقتصاد

#original_title #original_title


خاص

أزمة إيرباص… اختبار ثقة عالمي

أزمة إيرباص… اختبار ثقة عالمي

تسببت رسالة عاجلة من إيرباص بوقف جميع الرحلات لبعض طرازات A320 في حالة من الذعر العالمي، إذ اكتشفت الشركة خللا برمجيا يهدد سلامة الركاب على أكثر من نصف أسطول الطائرات من هذا النوع حول العالم. وبينما يتوقع أن لا يستغرق إصلاح الخلل سوى ساعتين في بعض الحالات، إلا أن موجة الإلغاء والتأجيل أثرت على ملايين المسافرين في ذروة موسم العطلات، ما يعكس هشاشة الاعتماد على عدد محدود من الموردين في صناعة الطيران.

الواقع الإحصائي وصناعة الطيران العالمية

  • عدد الطائرات في العالم: نحو 30,300 طائرة، منها 11,275 طائرة A320، أي ما يعادل 37 بالمئة من إجمالي الأسطول العالمي.
  • عدد المسافرين المتوقع لعام 2025: 9.8 مليار شخص، بمعدل 18,650 مسافراً كل دقيقة.
  • عدد الرحلات اليومية حول العالم: 130 ألف رحلة.
  • الإيرادات السنوية لقطاع الطيران المتوقعّة: 964 مليار دولار (وفقاً لـ IATA).

تؤكد هذه الأرقام أن أي خلل تقني أو تأخير في الطيران له تأثير فوري على الملايين من الأشخاص وعلى الاقتصاد العالمي.

أزمة طائرات إيرباص تربك حركة الطيران

المخاطر الهيكلية في صناعة الطيران

أشارت أستاذ إدارة الطيران بجامعة “Surrey” البريطانية د. نادين عيتاني خلال حديثها الى برنامج بزنس مع لبنى على سكاي نيوز عربي  إلى أن قطاع الطيران العالمي، خصوصاً شركات تصنيع الطائرات الكبرى مثل بوينغ وإيرباص، يعاني من مخاطر متأصلة بسبب احتكار التصنيع. فعندما يقتصر السوق على عدد محدود من الموردين الرئيسيين، تصبح سلاسل التوريد والصناعة بأكملها حساسة لأي خلل أو اضطراب، مما يعرض القطاع لتقلبات كبيرة في الأداء والسلامة.

الاعتماد المتزايد على البرمجيات

أوضحت أن البرمجيات الإلكترونية وأنظمة التحكم بالطائرات باتت محور الاعتماد الرئيسي، سواء في الملاحة أو التحكم الإلكتروني أو أنظمة الطيران. وعلى الرغم من أن هذه الأنظمة تم تطويرها وفق المواصفات القياسية عند إطلاقها، إلا أن التحدي يكمن في كيفية تأثرها بالعوامل الخارجية مثل الطقس أو الإشعاع الشمسي، مما يتطلب متابعة دقيقة وإجراءات قياسية صارمة لضمان استمرارية التشغيل الآمن.

أزمة إيرباص.. اختبار ثقة عالمي

الدروس المستفادة من الأزمة الأخيرة

أكدت د. عيتاني أن سرعة استجابة إيرباص لحل الخلل البرمجي في طراز A320 خلال 24 ساعة دون وقوع أي حادث، تُعد درساً مهماً في إدارة المخاطر. الإجراءات التي اتخذتها الشركة، مثل إعادة النظام القديم (rollback) وتمكين الطيارين من السيطرة اليدوية، أسهمت في احتواء الخطر بشكل فعال، ما يعكس قدرة شركات الطيران على التعامل مع الأزمات بشكل مهني وشفاف، ويعزز ثقة المستثمرين على المدى الطويل رغم تراجع الأسهم المؤقت.

الإطار القانوني والتعويضات

على الصعيد القانوني، أشارت إلى أن التعويض عن الرحلات المتأثرة يقع بالدرجة الأولى على عاتق شركات الطيران، باعتبارها الطرف الموقع لعقد النقل مع المسافر. وفي حال تعلق الخلل بالمصنع، يمكن للشركة الاستناد إلى عقود الضمان والتأمين مع المصنع للحصول على تعويضات إضافية.

الذكاء الاصطناعي والصيانة التنبؤية

ترى د. عيتاني أن الذكاء الاصطناعي يمثل مستقبل الصيانة وإدارة المخاطر، حيث يمكن للأنظمة تحليل أكثر من 25,000 نقطة بيانات بشكل سريع، والتنبؤ بالأعطال قبل وقوعها، ما يسهم في تفادي الكوارث الجوية. ومع ذلك، فإن إدماج هذه الأنظمة الجديدة مع التحديثات الحالية يطرح تحديات كبيرة ويثير علامات استفهام حول الاعتماد الكلي على التكنولوجيا.

تحديات الطيار الواحد

تطرقت أيضاً إلى برامج التشغيل المستقبلي للطائرات بواسطة طيار واحد، التي تسعى لمواجهة نقص الطيارين، لكنها تواجه مقاومة كبيرة من نقابات الطيارين. وتؤكد أن الأعطال البرمجية المتكررة يمكن أن تزيد من هذه المقاومة، ما يستدعي دراسة دقيقة لمخاطر الاعتماد على التشغيل شبه الآلي.

الصناعة الصينية وصناعة الطيران المستقبلية

فيما يخص السوق الصينية، رأت  د. عيتاني أن شركة كوماك الصينية قد تجد فرصاً محدودة في السوق المحلية، لكنها ستظل تعتمد بشكل كبير على التكنولوجيا الغربية. القيود التنظيمية وغياب الترخيص من وكالات السلامة الغربية سيحد من قدرتها على التوسع في الأسواق الدولية قبل عام 2040.

تؤكد د. عيتاني أن الأزمة الأخيرة تمثل نموذجاً إيجابياً لإدارة المخاطر والشفافية في قطاع الطيران، مع إبراز أهمية الذكاء الاصطناعي والصيانة التنبؤية. في المقابل، يبقى التحدي الأكبر هو التكامل بين التكنولوجيا الحديثة والقيود التنظيمية والبشرية، إضافة إلى مواجهة تأثير العوامل الخارجية على الأنظمة الإلكترونية. الاستثمار في هذه المجالات سيحدد قدرة الشركات على تعزيز السلامة وزيادة الثقة في الأسواق العالمية على المدى الطويل.

أزمة إيرباص تربك مطارات العالم وتثير رعب المسافرين