جماهير اتحاد العاصمة خلال كأس السوبر الجزائري، 5 يوليو 2025 (بلال بن سالم/Getty)
ينطلق الدوري الجزائري لكرة القدم لموسم 2025-2026، اليوم الخميس وسط حماس كبير، وحذر في الوقت نفسه. فالحماس يعود إلى المنافسة بعد صيفٍ ساخنٍ في سوق الانتقالات، وحذرٍ فرضته تأجيلات الجولة الافتتاحية، نظراً لمشاركة المنتخب المحلي في بطولة أمم أفريقيا للاعبين المحليين “شان” المقامة حالياً في أوغندا وكينيا وتنزانيا، ووسط قرارات تنظيمية صارمة أعقبت الحادثة المؤسفة، التي صاحبت تتويج مولودية الجزائر في ختام الموسم الماضي.
ورغم أنّ الروزنامة موزعة على ثلاثة أيام، فإن القمتين البارزتين ستغيبان عن المشهد، ما يضع المنظمين أمام اختبار كبير لاحترام موعد الموسم المتوقع أن يُختتم في شهر مايو/ أيار المقبل، وهو الموعد الذي حدده الاتحاد الدولي للعبة “فيفا” لنهاية المنافسات، تحضيراً لكأس العالم 2026 في الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك.
وسيحمل الموسم الجديد تفاصيل عديدة ومهمة، على غرار نوعية الأجهزة الفنية المختارة لقيادة مشاريع الفرق الجزائرية، إذ إن أغلب الأندية الكبيرة قرّرت الرهان على المدرسة الأجنبية بشكلٍ واسع، مع نقطة لافتة تتمثل في الغياب الكامل للمدرب الفرنسي لأول مرة منذ سنوات، حتى أن مولودية وهران، الذي أعلن الأسبوع الماضي تعاقده مع المدرب هوبير فيلود، عاد سريعاً لفسخ العقد لأسباب وُصفت بالشخصية. وكسر اتحاد العاصمة موجة المدرب الأجنبي بإعادة الجزائري عبد الحق بن شيخة بعد ضغطٍ جماهيري طال أمده؛ بسبب التأخر في حسم هوية المدرب.
وفي المقابل، أبقت أربعة أندية فقط على مدربي الموسم الماضي، أبرزهم شبيبة القبائل مع الألماني جوزيف زينباور، وشباب بلوزداد مع مواطنه سعد راموفيتش، إلى جانب ترجي مستغانم بقيادة نذير لكناوي. أما خارطة التعيينات الجديدة فتشمل شباب قسنطينة مع البوسني روسيمير سفيكو، ومولودية الجزائر الذي تعاقد مع الجنوب أفريقي، رولاني موكوينا، خلفاً للتونسي خالد بن يحيى، أما وفاق سطيف فبدوره قرر وضع ثقته في الجنسية الألمانية، ويتعلق الأمر بالمدرب أنطوان هاي، فيما خطف مستقبل الرويسات الأنظار بتعيين عبد القادر عمراني، أقدم مدربي الدرجة الأولى حالياً، لقيادة مشروع الصاعد الجديد إلى دوري الأضواء.
أما فيما يخص سوق الانتقالات، فقد جاءت تحرّكات ما قبل انطلاق الموسم مكثفة، خصوصاً في بيوت الأندية الممثلة للجزائر قارياً، على غرار شبيبة القبائل، التي كانت الأكثر نشاطاً بالتشاور مع المدرب زينباور، فأبرمت صفقة وُصفت بالأغلى هذا الصيف بضمّ مهاجم وهداف شباب بلوزداد الموسم الماضي، أيمن محيوص، كما دعّمت الوسط بالعاجي جوسافات آرثر بادا، ورممت الخط الخلفي بخدمات شاهين بلول، وعزّزت مركزي الظهير بالثنائي محمد رضا حميدي وحمزة موالي.
ومن جهته تحرّك مولودية الجزائر، حامل لقب الدوري الجزائري في آخر موسمين، بحذر كبير هذه المرة في سوق الانتقالات، فضمّ الحارس الدولي ألكسيس قندوز، والظهير الأيمن أيمن بوقرة، لتقوية عمق التشكيلة، استعداداً لموسم طويل محلياً وخارجياً، أما اتحاد العاصمة فقد استنجد بخبرة المخضرم زكريا دراوي، وتعاقد مع محمد بودربالة كتدعيم هجومي، وأمّن قلب الدفاع بالكاميروني تشي فوندو مالون جونيور القادم من سيمبا التنزاني. أما شباب بلوزداد فأحدث مفاجأة خلال الأيام الماضية بانتدابه الألباني ريدون جيجا، ليصبح أول لاعب من هذه الجنسية في الدوري الجزائري، وقبله ضم لاعب خط الوسط، جابر كعسيس، وتعزيز هجومه بإبرامه صفقة عبد النور بلحوسيني، الذي تألق الموسم الماضي بألوان شباب قسنطينة.
وعلى الصعيد التنظيمي، يبدأ الموسم الجديد تحت سقف إجراءات استثنائية أقرّها الاتحاد الجزائري لكرة القدم، عقب مأساة الجولة الختامية الموسم الماضي في ملعب 5 يوليو، والتي راح ضحيتها أربعة مشجعين إثر التدافع بأحد المدرجات. القرار الأبرز يقضي بتقليص الطاقة الاستيعابية لكل الملاعب إلى 25% من سعتها الرسمية في إجراء احترازي، مع تمديد منع تنقل الجماهير بين المدن حتى نهاية مرحلة الذهاب من موسم 2025-2026.
ويبقى الملف الأكثر جدلاً في الدوري الجزائري متعلقاً بأزمة الملاعب، لاسيما في العاصمة، فبينما حصل مولودية الجزائر على ضوءٍ أخضر للعودة إلى ملعب علي عمار بالدويرة، بعد غلقه الموسم الماضي للصيانة، اضطر شباب بلوزداد، وبعد شد وجذب، إلى اختيار ملعب سالم مبروكي بالرويبة لاستقبال منافسيه، في حين لا يزال اتحاد العاصمة في مفترق طرق بين ملعب جديد بمنطقة الكاليتوس، وترفضه جماهير “سوسطارة” لعدم ملاءمته لصورة النادي وتاريخه، وخيار التوجه موقتاً إلى ملعب أول نوفمبر في مدينة تيزي وزو. وازداد المشهد تعقيداً مع إغلاق ملعب نيلسون مانديلا ببراقي من أجل أشغال صيانة قد تمتد إلى نوفمبر/ تشرين الثاني أو ديسمبر/ كانون الأول 2025، بالتزامن مع غلقٍ ملعب 5 يوليو لإعادة تهيئة شاملة في المدرجات والأرضية والمرافق، مع توقّع إعادة فتحه شهر يناير/ كانون الثاني 2026، وإطلاق مناقصة لتغطيته كلياً بنهاية الموسم.
وستُعطى صافرة انطلاق الدوري الجزائري في الموسم الكروي الجديد اليوم الخميس، وتمتد مباريات الجولة على ثلاثة أيام، مع تأجيل مواجهتين ثقيلتين. وبالنظر إلى هذه المعطيات، يبدو أن الدوري الجزائري لكرة القدم هذا الموسم سيكون مثيراً وصعب التوقع. فالأندية الكبرى عزّزت صفوفها بلاعبين جدد ومدربين أجانب بأفكار متنوعة، في مواجهة مدربين محليين يعرفون خبايا الدوري جيداً. وفي المقابل، تسعى الفرق الصاعدة إلى فرض حضورها بين الكبار. ورغم التحديات المتعلقة بالملاعب والإجراءات التنظيمية الجديدة، تبقى المنافسة مفتوحة على جميع الاحتمالات، إذ يمكن للتفاصيل الصغيرة أن تصنع الفارق. لذلك، ينتظر عشاق الكرة الجزائرية موسماً حافلاً بالإثارة والمفاجآت من بدايته وحتى نهايته.