أوراق دولار وجنيه في القاهرة، 16 يناير 2023 (خالد دسوقي/ فرانس برس)
سجل سعر صرف الدولار ارتفاعاً جديداً أمام الجنيه المصري، اليوم الثلاثاء، ليصل إلى 48.69 جنيهاً للشراء و48.79 جنيهاً للبيع في البنوك، متأثراً بمزيج من العوامل الخارجية والداخلية التي عمقت الضغوط على سوق الصرف. وعلى الصعيد العالمي، صعد الدولار أمام سلة العملات الرئيسية مدفوعاً باستمرار رفع أسعار الفائدة الأميركية وتزايد الإقبال عليه كملاذ آمن في ظل تقلبات الأسواق، وهو ما انعكس بشكل مباشر على اقتصادات الدول النامية، ومنها مصر، وزاد من حدة الضغوط على العملة المحلية.
أما داخلياً، فيواجه الاقتصاد المصري تحديات تتعلق بتراجع موارد النقد الأجنبي من الصادرات والسياحة والاستثمارات، مقابل ارتفاع فاتورة الاستيراد وخدمة الديون الخارجية. هذا الخلل بين العرض والطلب على العملة الصعبة أدى إلى زيادة الضغوط على الجنيه وفتح المجال أمام المضاربات في السوق الموازية. ويواصل البنك المركزي المصري اتباع سياسة سعر الصرف المرن، التي تسمح للجنيه بالتكيف مع التطورات الاقتصادية. وبموجب هذه السياسة، تنعكس أي تغيرات في مستويات العرض والطلب على الدولار سريعاً في الأسعار الرسمية، في محاولة لتقليص الفجوة مع السوق الموازية والحفاظ على درجة من الاستقرار.
في المقابل، لعبت السوق الموازية (السوق السوداء) دوراً مؤثراً في رفع الأسعار، نتيجة محدودية المعروض من الدولار وزيادة الطلب عليه سواء لأغراض الاستيراد أو الادخار. وأسفر ذلك عن تسجيل أسعار أعلى من المستويات الرسمية في بعض المناطق، ما زاد من حالة الارتباك في السوق. ورغم محاولات السلطات المصرية تقليص دور السوق الموازية خلال السنوات الماضية إلا أنها لا تزال تلعب دوراً محورياً في تشكيل توقعات المتعاملين. وغالباً ما يلجأ المستوردون والتجار إلى هذه السوق لتأمين احتياجاتهم من العملة الصعبة، خاصة مع القيود المفروضة على الاعتمادات المستندية في البنوك. وبحسب تقديرات غير رسمية، يتجاوز الفارق بين السعر الرسمي والموازي في بعض الفترات 10 – 15%.
ويعتمد الاقتصاد المصري بشكل أساسي على خمسة مصادر رئيسية للنقد الأجنبي هي: قناة السويس، والصادرات، والسياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، والاستثمارات الأجنبية المباشرة. ومع تراجع عوائد السياحة بسبب الأوضاع الإقليمية، وتباطؤ الاستثمارات، إضافة إلى ضغوط على تحويلات المصريين بالخارج نتيجة الفجوة بين السعر الرسمي والموازي، تعرضت هذه الموارد لهزات أثرت مباشرة على توازن السوق. وتتجاوز ديون مصر الخارجية 165 مليار دولار وفق بيانات البنك المركزي، وتصل فاتورة استيراد السلع الأساسية (كالقمح، والوقود، والمواد الخام) إلى نحو 70 مليار دولار سنوياً، ويخلق ذلك طلباً دائماً على الدولار يفوق المعروض، ما يزيد الضغوط على الجنيه. وينعكس أي انخفاض في قيمة الجنيه مباشرة على أسعار السلع المستوردة، التي تشكل نسبة كبيرة من استهلاك المصريين.