أوكرانيا تقصف محطة أونيتشا لضخ النفط في بريانسك روسيا، 21 أغسطس 2025 (رويترز)
بينما تستمر المواجهات العسكرية بين روسيا وأوكرانيا، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، اليوم الجمعة، إلى تقديم ضمانات أمنية “قوية” لأوكرانيا بينما يواصل حلفاء كييف الأوروبيون دراسة الخيارات العسكرية مع الولايات المتحدة لتقديم تلك الضمانات، فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب
، أن مصير عملية السلام بين البلدين ربما يتضح في غضون الأسبوعين المقبلين.
أوكرانيا تقصف محطة نفطية روسية
ودوت صفارات الإنذار، بعد ظهر الجمعة، في كييف خلال وجود الأمين العام للحلف الأطلسي مارك روته، ودعت الإدارة العسكرية في كييف السكان للتوجه إلى الملاجئ بسبب خطر إطلاق صواريخ باليستية روسية على مؤتمر صحافي عقده روته مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. ودعا روته إلى تقديم ضمانات أمنية “قوية” لأوكرانيا، لضمان التزام روسيا بأي اتفاق سلام محتمل ولضمان أنها “لن تحاول مرة أخرى الاستيلاء على كيلومتر مربع واحد من أراضي أوكرانيا”، وأضاف: “ستكون الضمانات الأمنية القوية ضرورية، وهذا ما نعمل حالياً على تحديده”.
وكان القائد العسكري الأوكراني روبرت بروفدي قال، في وقت متأخر أمس الخميس، إن القوات الأوكرانية قصف محطة أونيتشا لضخ النفط في منطقة بريانسك الروسية. ونشر بروفدي مقطع فيديو على تطبيق تليغرام يظهر حريقاً كبيراً في منشأة تضم عدداً من خزانات الوقود. وكثفت أوكرانيا هجماتها على البنية التحتية الروسية للطاقة، مستهدفة قطاعاً يلعب دوراً كبيراً في تمويل جهود الكرملين الحربية، فيما قال وزير الخارجية المجري بيتر سيارتو، على “فيسبوك” إن ضخ النفط الخام من روسيا إلى المجر عبر خط أنابيب “دروجبا” توقف بعد هجوم على خط الأنابيب قرب الحدود بين روسيا وبيلاروسيا.
روسيا تسيطر على 3 بلدات في دونيتسك
بالمقابل، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، اليوم الجمعة، أن قواتها سيطرت على ثلاث بلدات في دونيتسك شرقي أوكرانيا، لتصبح على مسافة أقرب من خط الدفاع الأوكراني في المنطقة التي تشهد معارك. وقالت الوزارة على تطبيق تليغرام إنّ روسيا سيطرت على “بلدات كاتيرينيفكا وفولوديميريفكا وروسين يار في جمهورية دونيتسك الشعبية” مستخدمة تسمية موسكو للمنطقة التي أعلنت ضمها في سبتمبر/ أيلول 2022. وحقق الجيش الروسي مكاسب ميدانية في الأشهر الأخيرة أمام القوات الأوكرانية الأصغر حجماً والأقل تجهيزاً.
لافروف: هذا شرط بوتين لمقابلة زيلينسكي
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الجمعة، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مستعد لمقابلة نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في حال توفرت “الأجندة الرئاسية” للقاء، نافياً في الوقت نفسه أن يكون قد تم التخطيط لعقد مثل هذه المقابلة. وقال لافروف في حديث لشبكة “إن بي سي” الأميركية: “قال الرئيس بوتين بوضوح إنه مستعد للقاء بشرط أن تكون له أجندة حقيقية، أي أجندة رئاسية”. وحمّل أوكرانيا المسؤولية عن عرقلة العملية السياسية، معتبراً أن روسيا أبدت “مرونة” في ما يتعلق بعدة نقاط في أثناء قمة بوتين مع ترامب، بولاية ألاسكا يوم الجمعة الماضي.
وزعم لافروف أن زيلينسكي رفض الشروط الروسية المتعلقة بعزوف أوكرانيا عن الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو) ومناقشة القضايا الحدودية وإلغاء “الحظر على استخدام اللغة الروسية”، في إشارة إلى استبعاد الرئيس الأوكراني أمس الخميس، إمكانية منح اللغة الروسية صفة لغة الدولة إلى جانب اللغة الأوكرانية.
من جهته، اتهم رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي، غريغوري كاراسين، الاتحاد الأوروبي بالسعي لفرملة عملية التسوية الأوكرانية التي بدأت في قمة ألاسكا. وقال كاراسين في حديث لصحيفة إزفيستيا الروسية، في عددها الصادر اليوم: “يفرمل الأوروبيون هذه العملية بنشاط، ويقدمون مختلف التفسيرات للوثائق، ويتحدثون طوال الوقت عن الحضور العسكري على الأراضي الأوكرانية، وهذا، بالطبع، غير مقبول بالنسبة إلينا، لأن قضية الأطلسي هي العامل الأكثر إزعاجاً”.
كالاس: فخ بوتين
قالت الممثلة السامية للشؤون الخارجية والأمنية للاتحاد الأوروبي كايا كالاس، الجمعة، إن احتمالية تنازل أوكرانيا عن أراض لصالح روسيا في إطار اتفاق سلام لإنهاء الحرب، المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، “فخ” نصبه بوتين. وذكرت كالاس أن بوتين يطالب أوكرانيا بتقديم تنازلات مقابل وقف غزو جيشه، لكن تلبية مطالبه سترقى إلى منح مكافأة للدولة التي شنت الحرب.
وصرحت كالاس في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بأن المحادثات التي أجريت مؤخراً بشأن منح بوتين تنازلات هي “بالضبط الفخ الذي تريد روسيا إيقاعنا فيه”، وأضافت: “أعني أن النقاش حول ما يجب أن تتخلى عنه أوكرانيا، والتنازلات التي ترغب أوكرانيا في تقديمها، بينما ننسى أن روسيا لم تقدم تنازلاً واحداً وهم الطرف المعتدي هنا، إنهم الطرف الذي يهاجم دولة أخرى بوحشية ويقتل شعبها”.
ترامب سيعرف المزيد “خلال الأسبوعين المقبلين” عن فرص السلام في أوكرانيا
إلى ذلك أعلن الرئيس ترامب، الذي يريد جمع الرئيسَين الروسي والأوكراني حول طاولة واحدة، إنّه سيعرف المزيد “خلال الأسبوعَين المقبلَين” بشأن فرص السلام في أوكرانيا، ورداً على سؤال عمّا إذا كان السلام سيتحقّق، قال ترامب في مقابلة عبر الهاتف مع قناة “نيوزماكس” اليمينية: “أودّ أن أقول إنّنا سنعرف خلال الأسبوعَين المقبلَين النتيجة. بعد ذلك، قد نضطر إلى اتباع نهج مختلف”.
ومنذ حملته الرئاسية العام الماضي، تعهّد ترامب بإحلال السلام في أوكرانيا. وفي هذا الإطار التقى بنظيره الروسي فلاديمير بوتين
، يوم الجمعة الماضي، في قاعدة عسكرية في ألاسكا، ثم التقى بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي برفقة عدد من القادة الأوروبيين، الاثنين، في البيت الأبيض.
وقال ترامب، الاثنين، إنّه يسعى لعقد اجتماع ثنائي بين زيلينسكي وبوتين، على أنّ تتبعه قمة ثلاثية يشارك فيها. ووافق بوتين على مبدأ لقاء نظيره الأوكراني بعدما رفض ذلك في السابق، ولكن من دون تحديد مكان الاجتماع أو موعده، وقال زيلينسكي، الخميس، “الإشارات التي ترسلها روسيا حالياً غير لائقة. إنهم يحاولون التنصّل من ضرورة عقد اجتماع”.
وعلى صعيد الضمانات الأمنية التي تطالب بها أوكرانيا في حال التوصل لاتفاق سلام، قال مسؤولون إن قادة عسكريين من الولايات المتحدة وعددٍ من الدول الأوروبية طرحوا، أمس الخميس، خيارات على مستشاري الأمن القومي في بلدانهم لتقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا. ويأتي ذلك بعد تعهد ترامب بالمساعدة في حماية أوكرانيا بموجب أي اتفاق لإنهاء الحرب الروسية المستمرة منذ ثلاث سنوات ونصف السنة.
وقال بيان صادر عن وزارة الدفاع الأمريكية (بنتاغون) إنّ المخططين العسكريّين الأميركيين والأوروبيين وضعوا الخيارات العسكرية لعرضها على مستشاري الأمن القومي للحلفاء “للنظر فيها على نحوٍ مناسب”. وعقد قادة الجيوش من الولايات المتحدة وفنلندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وأوكرانيا اجتماعات في واشنطن، من الثلاثاء حتّى الخميس.
وقال مصدر مطلع على الأمر إنّ وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الذي يشغل أيضاً منصب مستشار الأمن القومي لترامب، عقد مؤتمراً عبر الهاتف، الخميس، مع نظرائه الأوروبيين لمناقشة الخيارات. وأضاف المصدر أنه لا يزال يتعين العمل على التفاصيل النهائية، لكن الدول الأوروبية ستتحمل “الجزء الأكبر” من أيّ قوات تشارك في الضمانات الأمنية لأوكرانيا، وقال المصدر إنّ “أعمال التخطيط مستمرة”، مضيفاً أن واشنطن لا تزال “تحدد نطاق دورها”.
ويذكر أن كييف التي تعتبر أن الأطراف الخارجية تخاذلت عن الوفاء بأحكام مذكرة بودابست المؤرخة بعام 1994، القاضية بضمان أمن أوكرانيا مقابل تخليها عن ترسانتها النووية، تبحث عن ضمانات أمنية جدية للمرحلة ما بعد الحرب مع روسيا من قبيل استمرار تدفق الأسلحة الغربية أو نشر قوات أوروبية على أراضيها أو الدفاع المشترك، على غرار المادة الخامسة من معاهدة الأطلسي، لتتحول قضية الضمانات إلى حجر عثرة رئيسي على مسار التسوية في ظل إصرار موسكو على حياد أوكرانيا.
(فرانس برس، رويترز، أسوشييتد برس، العربي الجديد)